قالوا: فلقول القائل: صرت الشئ معنيان: أملته، وقطعته، وحكوا سماعا: صرنا به الحكم: فصلنا به الحكم.
وهذا القول الذي ذكرناه عن البصريين من أن معنى الضم في الصاد من قوله:
* (فصرهن إليك) * والكسر سواء بمعنى واحد، وأنهما لغتان معناهما في هذا الموضع فقطعهن، وأن معنى إليك تقديمها قبل فصرهن من أجل أنها صلة قوله: فخذ، أولى بالصواب من قول الذين حكينا قولهم من نحويي الكوفيين الذي أنكروا أن يكون للتقطيع في ذلك وجه مفهوم إلا على معنى القلب الذي ذكرت، لاجماع جميع أهل التأويل على أن معنى قوله: * (فصرهن) * غير خارج من أحد معنيين: إما قطعهن، وإما اضممهن إليك، بالكسر قرئ ذلك أو بالضم. ففي إجماع جميعهم على ذلك على غير مراعاة منهم كسر الصاد وضمها، ولا تفريق منهم بين معنيي القراءتين أعني الكسر والضم، أوضح الدليل على صحة قول القائلين من نحويي أهل البصرة في ذلك ما حكينا عنهم من القول، وخطأ قول نحويي الكوفيين، لأنهم لو كانوا إنما تأولوا قوله: * (فصرهن) * بمعنى فقطعهن، على أن أصل الكلام فاصرهن، ثم قلبت فقيل فصرهن بكسر الصاد لتحول ياء فاصرهن مكان رائه، وانتقال رائه مكان يائه، لكان لا شك مع معرفتهم بلغتهم وعلمهم بمنطقهم، قد فصلوا بين معنى ذلك إذا قرئ بكسر صاده، وبينه إذا قرئ بضمها، إذ كان غير جائز لمن قلب