يقال في الكلام: أخذت ميثاقك لتفعلن لان أخذ الميثاق بمنزلة الاستحلاف. فكان تأويل الكلام عند قائل هذا القول: وإذا استحلف الله النبيين للذي آتاهم من كتاب وحكمة، متى جاءهم رسول مصدق لما معهم ليؤمنن به ولينصرنه.
وأولى القراءتين في ذلك بالصواب قراءة من قرأ: * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم) * بفتح اللام، لان الله عز وجل أخذ ميثاق جميع الأنبياء بتصديق كل رسول له ابتعثه إلى خلقه فيما ابتعثه به إليهم، كان ممن آتاه كتابا، أو من لم يؤته كتابا. وذلك أنه غير جائز وصف أحد من أنبياء الله عز وجل ورسله، بأنه كان ممن أبيح له التكذيب بأحد من رسله.
فإذا كان ذلك كذلك، وكان معلوما أن منهم من أنزل عليه الكتاب، وأن منهم من لم ينزل عليه الكتاب، كان بينا أن قراءة من قرأ ذلك: لما آتيتكم بكسر اللام، بمعنى: من أجل الذي آتيتكم من كتاب، لا وجه له مفهوم إلا على تأويل بعيد، وانتزاع عميق.) ثم اختلف أهل التأويل فيمن أخذ ميثاقه بالايمان بمن جاءه من رسل الله مصدقا لما معه، فقال بعضهم: إنما أخذ الله بذلك ميثاق أهل الكتاب، دون أنبيائهم، واستشهدوا لصحة قولهم بذلك بقوله: * (لتؤمنن به ولتنصرنه) * قالوا: فإنما أمر الذين أرسلت إليهم الرسل من الأمم بالايمان برسل الله، ونصرتها على من خالفها. وأما الرسل فإنه لا وجه لأمرها بنصرة أحد، لأنها المحتاجة إلى المعونة على من خالفها من كفرة بني آدم، فأما هي فإنها لا تعين الكفرة على كفرها ولا تنصرها.) قالوا: وإذا لم يكن غيرها وغير الأمم الكافرة، فمن الذي ينصر النبي، فيؤخذ ميثاقه بنصرته؟ ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة) * قال: هي خطأ من الكاتب، وهي في قراءة ابن مسعود: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: * (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين) * يقول: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب، وكذلك كان يقرؤها الربيع: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب، إنما