مع ما في أول الكلام لام الابتداء، نحو قول القائل: لزيد أفضل منك، لان ما اسم، والذي بعدها صلة لها، واللام التي في: * (لتؤمنن به ولتنصرنه) * لام القسم، كأنه قال: والله لتؤمنن به، يؤكد في أول الكلام وفي آخره، كما يقال: أما والله أن لو جئتني لكان كذا وكذا، وقد يستغنى عنها فيؤكد في لتؤمنن به باللام في آخر الكلام، وقد يستغنى عنها، ويجعل خبر ما آتيتكم من كتاب وحكمة، لتؤمنن به، مثل: لعبد الله والله لا آتينه، قال: وإن شئت جعلت خبر ما من كتاب يريد: لما آتيتكم كتاب وحكمة، وتكون من زائدة. وخطأ بعض نحويي الكوفيين ذلك كله، وقال: اللام التي تدخل في أوائل الجزاء لا تجاب بما ولا لا فلا يقال لمن قام: لا تتبعه، ولا لمن قام: ما أحسن، فإذا وقع في جوابها ما ولا علم أن اللام ليست بتوكيد للأولى، لأنه يوضع موضعها ما ولا، فتكون كالأولى، وهي جواب للأولى. قال: وأما قوله: * (لما آتيتكم من كتاب وحكمة) * بمعنى اسقاط من غلط، لان من التي تدخل وتخرج لا تقع مواقع الأسماء، قال: ولا تقع في الخبر أيضا، إنما تقع في الجحد والاستفهام والجزاء.
وأولى الأقوال في تأويل هذه الآية على قراءة من قرأ ذلك بفتح اللام بالصواب أن يكون قوله: * (لما) * بمعنى: لمهما، وأن تكون ما حرف جزاء أدخلت عليها اللام، وصير الفعل معها على فعل، ثم أجيبت بما تجاب به الايمان، فصارت اللام الأولى يمينا إذ تلقيت بجواب اليمين.
وقرأ ذلك آخرون: لما آتيتكم بكسر اللام من لما، وذلك قراءة جماعة من أهل الكوفة.
ثم اختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله، فقال بعضهم: معناه إذا قرئ كذلك: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين للذي آتيتكم، فما على هذه القراءة بمعنى: الذي عندهم. وكان تأويل الكلام: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين من أجل الذي آتاهم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول: يعني: ثم إن جاءكم رسول، يعني ذكر محمد في التوراة، لتؤمنن به، أي ليكونن إيمانكم به للذي عندكم في التوراة من ذكره.
وقال آخرون منهم: تأويل ذلك إذا قرئ بكسر اللام من لما. وإذ أخذ الله ميثاق النبيين للذي آتاهم من الحكمة، ثم جعل قوله: لتؤمنن به من الاخذ، أخذ الميثاق، كما