حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن زيد بن أسلم: أول جبار كان في الأرض نمروذ، فكان الناس يخرجون فيمتارون من عنده الطعام، فخرج إبراهيم يمتار مع من يمتار، فإذا مر به ناس قال: من ربكم؟ قالوا:
أنت. حتى مر إبراهيم، قال: من ربك؟ قال: الذي يحيي ويميت، قال: أنا أحيي وأميت، * (قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر) * قال: فرده بغير طعام. قال: فرجع إبراهيم على أهله فمر على كثيب من رمل أعفر، فقال: ألا آخذ من هذا فآتي به أهلي فتطيب أنفسهم حين أدخل عليهم؟ فأخذ منه فأتى أهله، قال: فوضع متاعه ثم نام، فقامت امرأته إلى متاعه، ففتحته، فإذا هي بأجود طعام رأته، فصنعت له منه، فقربته إليه. وكان عهده بأهله أنه ليس عندهم طعام، فقال: من أين هذا؟ قالت: من الطعام الذي جئت به. فعلم أن الله رزقه، فحمد الله. ثم بعث الله إلى الجبار ملكا أن آمن بي وأتركك على ملكك! قال: وهل رب غيري؟ فجاءه الثانية، فقال له ذلك، فأبى عليه. ثم أتاه الثالثة فأبى عليه، فقال له الملك: اجمع جموعك إلى ثلاثة أيام!
فجمع الجبار جموعه، فأمر الله الملك، ففتح عليه بابا من البعوض، فطلعت الشمس، فلم يروها من كثرتها، فبعثها الله عليهم فأكلت لحومهم، وشربت دماءهم، فلم يبق إلا العظام، والملك كما هو لم يصبه من ذلك شئ. فبعث الله عليه بعوضة، فدخلت في منخره، فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق، وأرحم الناس به من جمع يديه وضرب بهما رأسه. وكان جبارا أربعمائة عام، فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه، ثم أماته الله.
وهو الذي بنى صرحا إلى السماء فأتى الله بنيانه من القواعد، وهو الذي قال الله:
* (فأتى الله بنيانهم من القواعد) *.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قول الله: * (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه) * قال: هو نمروذ كان بالموصل والناس يأتونه، فإذا دخلوا عليه، قال: من ربكم؟ فيقولون: أنت، فيقول:
ميروهم! فلما دخل إبراهيم، ومعه بعير خرج يمتار به لولده قال: فعرضهم كلهم، فيقول:
من ربكم؟ فيقولون: أنت، فيقول: ميروهم! حتى عرض إبراهيم مرتين، فقال: من ربك؟
قال: ربي الذي يحيي ويميت، قال: أنا أحيي وأميت، إن شئت قتلتك فأمتك، وإن شئت