وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين) * يعني تعالى ذكره بذلك: ألم تر يا محمد إلى الذي حاج إبراهيم في ربه حين قال له إبراهيم: ربي الذي يحيي ويميت، يعني بذلك: ربي الذي بيده الحياة والموت يحيي من يشاء ويميت من أراد بعد الاحياء، قال: أنا أفعل ذلك، فأحيي وأميت، أستحيي من أردت قتله، فلا أقتله، فيكون ذلك مني إحياء له. وذلك عند العرب يسمى إحياء، كما قال تعالى ذكره: * (ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا) * وأقتل آخر فيكون ذلك مني إماتة له. قال إبراهيم (ص): فإن الله الذي هو ربي يأتي بالشمس من مشرقها، فأت بها إن كنت صادقا أنك إله من مغربها! قال الله تعالى ذكره: * (فبهت الذي كفر) * يعني انقطع وبطلت حجته، يقال منه: بهت يبهت بهتا، وقد حكي عن بعض العرب أنها تقول بهذا المعنى:
بهت، ويقال: بهت الرجل إذا افتريت عليه كذبا بهتا وبهتانا وبهاتة. وقد روي عن بعض القراءة أنه قرأ: فبهت الذي كفر بمعنى: فبهت إبراهيم الذي كفر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة في قوله: * (إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت، قال أنا أحيي وأميت) * وذكر لنا أنه دعا برجلين، فقتل أحدهما، واستحيا الآخر، فقال: أنا أحيي هذا، أنا أستحيي من شئت، وأقتل من شئت، قال إبراهيم عند ذلك: * (فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين) *.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: أنا أحيي وأميت: أقتل من شئت، وأستحيي من شئت، أدعه حيا فلا أقتله. وقال: ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر: مؤمنان، وكافران، فالمؤمنان:
سليمان بن داود، وذو القرنين، والكافران: بختنصر ونمروذ بن كنعان، لم يملكها غيرهم.