الخصوص وأنها إن كان الامر كما وصفنا نزلت فيمن كفر من النصارى بمحمد (ص) وفيمن آمن بمحمد (ص) من عبدة الأوثان الذين لم يكونوا مقرين بنبوة عيسى وسائر الملل التي كان أهلها تكذب بعيسى فإن قال قائل أو كانت النصارى على حق قبل أن يبعث محمد (ص) فكذبوا به قيل من كان منهم على ملة عيسى بن مريم (ص) فكان على حق وإياهم عنى الله تعالى ذكره بقوله يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله فإن قال قائل فهل يحتمل أن يكون قوله والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أن يكون معنيا به غير الذين ذكر مجاهد وغيره أنهم عنوا به من المؤمنين بعيسى أو غير أهل الردة والإسلام قيل نعم يحتمل أن يكون معنى ذلك والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يحولون بينهم وبين الايمان ويضلونهم فيكفرون فيكون تضليلهم إياهم حتى يكفروا إخراجا منهم لهم من الايمان يعني صدهم إياهم عنه وحرمانهم إياهم خيره وإن لم يكونوا كانوا فيه قبل كقول الرجل أخرجني والدي من ميراثه إذا ملك ذلك في حياته غيره فحرمه منه خطيئة ولم يملك ذلك القائل هذا الميراث قط فيخرج منه ولكنه لما حرمه وحيل بينه وبين ما كان يكون له لو لم يحرمه قيل أخرجه منه وكقول القائل أخرجني فلان من كتيبته يعني لم يجعلني من أهلها ولم يكن فيها قط قبل ذلك فكذلك قوله يخرجونهم من النور إلى الظلمات يحتمل أن يكون إخراجهم إياهم من الايمان إلى الكفر على هذا المعنى وإن كان الذي قاله مجاهد وغيره أشبه بتأويل الآية فإن قال لنا قائل وكيف قال والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور فجمع خبر الطاغوت بقوله يخرجونهم والطاغوت واحد قيل إن الطاغوت اسم لجماع وواحد وقد يجمع طواغيت وإذا جعل واحده وجمعه بلفظ واحد كان نظير قولهم رجل عدل وقوم عدل ورجل فطر وقوم فطر وما أشبه ذلك من الأسماء التي تأتي موحدة في اللفظ واحدها وجمعها وكما قال العباس بن مرداس فقلنا أسلموا أنا أخوكم * فقد برئت من الإحن الصدور
(٣٣)