من قولهم، واختلاف أمرهم كله، صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها، فقال:
* (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) * فافتتح السورة بتبرئة نفسه تبارك وتعالى مما قالوا، وتوحيده إياها بالخلق والامر، لا شريك له فيه، وردا عليهم ما ابتدعوا من الكفر، وجعلوا معه من الأنداد، واحتجاجا عليهم بقولهم في صاحبهم، ليعرفهم بذلك ضلالتهم، فقال:
* (الله لا إله إلا هو) * أي ليس معه شريك في أمره.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: * (ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم) * قال: إن النصارى أتوا رسول الله (ص)، فخاصموه في عيسى ابن مريم، وقالوا له: من أبوه؟ وقالوا على الله الكذب والبهتان، لا إله إلا هو، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا. فقال لهم النبي (ص): ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه أباه؟ قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت، وأن عيسى يأتي عليه الفناء؟. قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شئ يكلؤه ويحفظه ويرزقه؟. قال: بلى. قال: فهل يملك عيسى من ذلك شيئا؟. قالوا: لا. قال: أفلستم تعلمون أن الله عز وجل لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء؟. قالوا: بلى. قال:
فهل يعلم عيسى من ذلك شيئا إلا ما علم؟ قالوا: لا. قال: فإن ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء، فهل تعلمون ذلك؟. قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب ولا يحدث الحدث؟. قالوا: بلى. قال: ألستم تعلمون أن عيسى حملته امرأة كما تحمل المرأة، ثم وضعته كما تضع المرأة ولدها، ثم غدي كما يغذى الصبي، ثم كان يطعم الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث؟. قالوا: بلى. قال:
فكيف يكون هذا كما زعمتم؟. قال: فعرفوا ثم أبوا إلا جحودا، فأنزل الله عز وجل:
* (ألم الله لا إله إلا هو الحي القيوم) *.
القول في تأويل قوله تعالى: * (الحي القيوم) *.
اختلفت القراء في ذلك، فقرأته قراء الأمصار: * (الحي القيوم) *. وقرأ ذلك عمر بن الخطاب وابن مسعود فيما ذكر عنهما: الحي القيام. وذكر عن علقمة بن قيس أنه كان يقرأ: الحي القيم.
حدثنا بذلك أبو كريب، قال: ثنا عثام بن علي، قال: ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي معمر، قال: سمعت علقمة يقرأ: الحي القيم قلت: أنت سمعته؟ قال:
لا أدري.