الزبير: * (وأنزل التوراة والإنجيل) * التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، كما أنزل الكتب على من كان قبلهما.
القول في تأويل قوله تعالى: * (وأنزل الفرقان) *.
يعني جل ثناؤه بذلك: وأنزل الفصل بين الحق والباطل، فيما اختلفت فيه الأحزاب وأهل الملل في أمر عيسى وغيره. وقد بينا فيما مضى أن الفرقان إنما هو الفعلان من قولهم: فرق الله بين الحق والباطل يفصل بينهما بنصره بالحق على الباطل، إما بالحجة البالغة، وإما بالقهر والغلبة بالأيدي والقوة.
وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل، غير أن بعضهم وجه تأويله إلى أنه فصل بين الحق والباطل في أمر عيسى، وبعضهم إلى أنه فصل بين الحق والباطل في أحكام الشرائع.
ذكر من قال: معناه: الفصل بين الحق والباطل في أمر عيسى والأحزاب:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير: * (وأنزل الفرقان) * أي الفصل بين الحق والباطل، فيما اختلف فيه الأحزاب من أمر عيسى وغيره.
ذكر من قال: معنى ذلك الفصل بين الحق والباطل في الاحكام وشرائع الاسلام:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (وأنزل الفرقان) * هو القرآن أنزله على محمد وفرق به بين الحق والباطل، فأحل فيه حلاله، وحرم فيه حرامه، وشرع فيه شرائعه، وحد فيه حدوده، وفرض فيه فرائضه، وبين فيه بيانه، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: * (وأنزل الفرقان) * قال: الفرقان: القرآن فرق بين الحق والباطل والتأويل الذي ذكرناه عن محمد بن جعفر بن الزبير في ذلك، أولى بالصحة من التأويل الذي ذكرناه عن قتادة والربيع، وأن يكون معنى الفرقان في هذا الموضع: فصل الله بين نبيه محمد (ص) والذي حاجوه في أمر عيسى وفي غير ذلك من أموره بالحجة البالغة القاطعة عذرهم وعذر نظرائهم من أهل الكفر بالله.