تبارك وتعالى لأرباب الأموال: زكوا من جيد أموالكم الجيد، ولا تيمموا الخبيث الردئ، تعطونه أهل سهمان الصدقة، وتمنعونهم الواجب لهم من الجيد الطيب في أموالكم، ولستم بآخذي الردئ لأنفسكم مكان الجيد الواجب لكم قبل من وجب لكم عليه ذلك من شركائكم وغرمائكم وغيرهم إلا عن إغماض منكم وهضم لهم وكراهة منكم لاخذه.
يقول: ولا تأتوا من الفعل إلى من وجب له في أموالكم حق ما لا ترضون من غيركم أن يأتيه إليكم في حقوقكم الواجبة لكم في أموالهم، فأما إذا تطوع الرجل بصدقة غير مفروضة فإني وإن كرهت له أن يعطي فيها إلا أجود ماله وأطيبه، لان الله عز وجل أحق من تقرب إليه بأكرم الأموال وأطيبها، والصدقة قربان المؤمن، فلست أحرم عليه أن يعطي فيها غير الجيد، لان ما دون الجيد ربما كان أعم نفعا لكثرته، أو لعظم خطره، وأحسن موقعا من المسكين، وممن أعطيه قربة إلى الله عز وجل من الجيد، لقلته أو لصغر خطره وقلة جدوى نفعه على من أعطيه.
وبمثل ما قلنا في ذلك قال جماعة أهل العلم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، قال: سألت عبيدة عن هذه الآية:
* (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه) * قال: ذلك في الزكاة، الدرهم الزائف أحب إلي من التمرة.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، قال: سألت عبيدة عن ذلك، فقال: إنما ذلك في الزكاة، والدرهم الزائف أحب إلي من التمرة.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين، قال: سألت عبيدة عن هذه الآية: * (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه) * فقال عبيدة: إنما هذا في الواجب، ولا بأس أن يتطوع الرجل بالتمرة، والدرهم الزائف خير من التمرة.
حدثني أبو السائب، قال: ثنا ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين في قوله: * (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) * قال: إنما هذا في الزكاة المفروضة، فأما التطوع فلا بأس أن يتصدق الرجل بالدرهم الزائف، والدرهم الزائف خير من التمرة.