عن قتادة في قوله: * (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) * قال: تعمد إلى رذالة مالك فتصدق به، ولست بآخذه إلا أن تغمض فيه.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن يزيد بن إبراهيم، عن الحسن قال: كان الرجل يتصدق برذالة ماله، فنزلت: * (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) *.
حدثنا المثنى، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال:
أخبرنا عبد الله بن كثير أنه سمع مجاهدا يقول: * (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) * قال: في الأقناء التي تعلق، فرأى فيها حشفا، فقال: ما هذا؟. قال ابن جريج: سمعت عطاء يقول: علق انسان حشفا في الأقناء التي تعلق بالمدينة، فقال رسول الله (ص): ما هذا؟
بئسما علق هذا! فنزلت: * (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) *.
وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تيمموا الخبيث من الحرام فيه تنفقون، وتدعوا أن تنفقوا الحلال الطيب. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسألته عن قول الله عز وجل: * (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) * قال: الخبيث: الحرام، لا تتيمه:
تنفق منه، فإن الله عز وجل لا يقبله.
وتأويل الآية: هو التأويل الذي حكيناه عمن حكينا من أصحاب رسول الله (ص) واتفاق أهل التأويل في ذلك دون الذي قاله ابن زيد.
القول في تأويل قوله تعالى: * (ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه) *.
(يعني بذلك جل ثناؤه: ولستم بآخذي الخبيث في حقوقكم. والهاء في قوله:
* (بآخذيه) * من ذكر الخبيث. * (إلا أن تغمضوا فيه) * يعني إلا أن تتجافوا في أخذكم إياه عن بعض الواجب لكم من حقكم، فترخصوا فيه لأنفسكم،) يقال منه: أغمض فلان لفلان عن بعض حقه فهو يغمض، ومن ذلك قول الطرماح بن حكيم:
لم يفتنا بالوتر قوم وللضييم * رجال يرضون بالاغماض