عدي بن ثابت، عن البراء نحوه، إلا أنه قال: إلا على استحياء من صاحبه وغيظا أنه بعث إليك بما لم يكن له فيه حاجة.
وقال آخرون: معنى ذلك: ولستم بآخذي هذا الردئ من حقكم إلا أن تغمضوا من حقكم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عطاء، عن ابن معقل: * (ولستم بآخذيه) * يقول: ولستم بآخذيه من حق هو لكم، إلا أن تغمضوا فيه، يقول: أغمض لك من حقي.
وقال آخرون: معنى ذلك: ولستم بآخذي الحرام إلا أن تغمضوا على ما فيه من الاثم عليكم في أخذه. ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسألته عن قوله:
* (ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه) * قال: يقول: لست آخذا ذلك الحرام حتى تغمض على ما فيه من الاثم - قال: وفي كلام العرب: أما والله لقد أخذه ولقد أغمض على ما فيه - وهو يعلم أنه حرام باطل.
والذي هو أولى بتأويل ذلك عندنا أن يقال: إن الله عز وجل حث عباده على الصدقة وأداء الزكاة من أموالهم وفرضها عليهم فيها، فصار ما فرض من ذلك في أموالهم حقا لأهل سهمان الصدقة، ثم أمرهم تعالى ذكره أن يخرجوا من الطيب، وهو الجيد من أموالهم، الطيب، وذلك أن أهل السهمان شركاء أرباب الأموال في أموالهم بما وجب لهم فيها من الصدقة بعد وجوبها، فلا شك أن كل شريكين في مال فلكل واحد منهما بقدر ملكه، وليس لأحدهما منع شريكه من حقه من الملك الذي هو فيه شريكه بإعطائه بمقدار حقه منه من غيره، مما هو أردأ منه أو أحسن، فكذلك المزكي ماله حرم الله عليه أن يعطي أهل السهمان مما وجب لهم في ماله من الطيب الجيد من الحق، فصاروا فيه شركاء من الخبيث الردئ غيره، ويمنعهم ما هو لهم من حقوقهم في الطيب من ماله الجيد، كما لو كان مال رب المال رديئا كله غير جيد، فوجبت فيه الزكاة وصار أهل سهمان الصدقة فيه شركاء بما أوجب الله لهم فيه لم يكن عليه أن يعطيهم الطيب الجيد من غير ماله الذي منه حقهم، فقال