وأما قوله: * (أصابها وابل) * فإنه يعني جل ثناؤه أصاب الجنة التي بالربوة من الأرض وابل من المطر، وهو الشديد العظيم القطر منه. وقوله: * (فآتت أكلها ضعفين) * فإنه يعني الجنة أنها أضعف ثمرها ضعفين حين أصابها الوابل من المطر، والأكل: هو الشئ المأكول، وهو مثل الرعب والهدء وما أشبه ذلك من الأسماء التي تأتي على فعل، وأما الأكل بفتح الألف وتسكين الكاف، فهو فعل الآكل، يقال منه: أكلت أكلا، وأكلت أكلة واحدة، كما قال الشاعر:
وما أكلة أكلتها بغنيمة * ولا جوعة إن جعتها بغرام ففتح الألف لأنها بمعنى الفعل. ويدلك على أن ذلك كذلك قوله: ولا جوعة، وإن ضمت الألف من الأكلة كان معناه: الطعام الذي أكلته، فيكون معنى ذلك حينئذ: ما طعام أكلته بغنيمة.
وأما قوله: * (فإن لم يصبها وابل فطل) * فإن الطل: هو الندى واللين من المطر. كما:
حدثنا عباس بن محمد، قال: ثنا حجاج، قال: قال ابن جريج: * (فطل) * ندى. عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس.
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: أما الطل:
فالندى.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (فإن لم يصبها وابل فطل) * أي طش.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: * (فطل) * قال: الطل: الرذاذ من المطر يعني اللين منه.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: * (فطل) * أي طش.
وإنما يعني تعالى ذكره بهذا المثل كما ضعفت ثمرة هذه الجنة التي وصفت صفتها