هذا رجل كبرت سنة ودق عظمه وكثر عياله، ثم احترقت جنته على بقية ذلك كأحوج ما يكون إليه. يقول: أيحب أحدكم أن يضل عنه عمله يوم القيامة كأحوج ما يكون إليه؟
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: * (أيود أحدكم أن تكون له جنة) * إلى قوله: * (فاحترقت) * يقول: فذهبت جنته كأحوج ما كان إليها حين كبرت سنه وضعف عن الكسب، وله ذرية ضعفاء لا ينفعونه.
قال: وكان الحسن يقول: فاحترقت فذهبت أحوج ما كان إليها، فذلك قوله: أيود أحدكم أن يذهب عمله أحوج ما كان إليه.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ضرب الله مثلا حسنا، وكل أمثاله حسن تبارك وتعالى. وقال:
قال أيوب. * (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل) * إلى قوله: * (فيها من كل الثمرات) * يقول: صنعه في شبيبته فأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء عند آخر عمره، فجاءه إعصار فيه نار، فأحرق بستانه، فلم يكن عنده قوة أن يغرس مثله، ولم يكن عند نسله خير يعودون عليه. وكذلك الكافر يوم القيامة إذا رد إلى الله تعالى ليس له خير فيستعتب كما ليس له قوة فيغرس مثل بستانه، ولا يجد خيرا قدم لنفسه يعود عليه، كما لم يغن عن هذا ولده، وحرم أجره عند أفقر ما كان إليه كما حرم هذا جنته عند أفقر ما كان إليها عند كبره وضعف ذريته. وهو مثل ضربه الله للمؤمن والكافر فيما أوتيا في الدنيا، كيف نجى المؤمن في الآخرة، وذخر له من الكرامة والنعيم، وخزن عنه المال في الدنيا، وبسط للكافر في الدنيا من المال ما هو منقطع، وخزن له من الشر ما ليس بمفارقه أبدا ويخلد فيها مهانا، من أجل أنه فخر على صاحبه ووثق بما عنده ولم يستيقن أنه ملاق ربه.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: * (أيود أحدكم أن تكون له جنة) *... الآية. قال: هذا مثل ضربه الله * (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب... فيها من كل الثمرات) * والرجل قد كبر سنه وضعف وله أولاد صغار، وابتلاهم الله في جنتهم، فبعث الله عليها إعصارا فيه نار فاحترقت، فلم يستطع الرجل أن يدفع عن جنته من الكبر، ولا ولده لصغرهم، فذهبت جنته أحوج ما كان إليها. يقول: