حين جاد الوابل فإن أخطأ هذا الوابل فالطل كذلك يضعف الله صدقة المتصدق والمنفق ماله ابتغاء مرضاته وتثبيتا من نفسه من غير من ولا أذى، قلت نفقته أو كثرت لا تخيب ولا تخلف نفقته، كما تضعف الجنة التي وصف جل ثناؤه صفتها قل ما أصابها من المطر أو كثر لا يخلف خيرها بحال من الأحوال.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال جماعة أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي قوله:
* (فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل) * يقول: كما أضعفت ثمرة تلك الجنة، فكذلك تضاعف ثمرة هذا المنفق ضعفين.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: * (فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل) * هذا مثل ضربه الله لعمل المؤمن، يقول: ليس لخيره خلف، كما ليس لخير هذه الجنة خلف على أي حال، إما وابل، وإما طل.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك، قال: هذا مثل من أنفق ماله ابتغاء مرضاة الله.
حدثت عن عمار، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله:
* (الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله) *... الآية، قال: هذا مثل ضربه الله لعمل المؤمن.
فإن قال قائل: وكيف قيل: * (فإن لم يصبها وابل فطل) * وهذا خبر عن أمر قد مضى؟
قيل: يراد فيه: كان، ومعنى الكلام: فآتت أكلها ضعفين، فإن لم يكن الوابل أصابها، أصابها طل، وذلك في الكلام نحو قول القائل: حبست فرسين، فإن لم أحبس اثنين فواحدا بقيمته، بمعنى: إلا أكن، لا بد من إضمار كان، لأنه خبر، ومنه قول الشاعر:
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة * ولم تجدي من أن تقري بها بدا (القول في تأويل قوله تعالى: * (والله بما تعملون بصير) *.
يعني بذلك: والله بما تعملون أيها الناس في نفقاتكم التي تنفقونها بصير، لا يخفى