القول في تأويل قوله تعالى: * (كمثل جنة بربوة أصابها وابل فآتت أكلها ضعفين فإن لم يصبها وابل فطل) *.
يعني بذلك عز وجل: ومثل الذين ينفقون أموالهم، فيتصدقون بها، ويسبلونها في طاعة الله بغير من على من تصدقوا بها عليه ولا أذى منهم لهم بها ابتغاء رضوان الله وتصديقا من أنفسهم بوعده، * (كمثل جنة) * والجنة: البستان. وقد دللنا فيما مضى على أن الجنة البستان بما فيه الكفاية من إعادته. * (بربوة) * والربوة من الأرض: ما نشز منها فارتفع عن السيل. وإنما وصفها بذلك جل ثناؤه، لان ما ارتفع عن المسايل والأودية أغلظ، وجنان ما غلظ من الأرض أحسن وأزكى ثمرا وغرسا وزرعا مما رق منها، ولذلك قال أعشى بني ثعلبة في وصف روضة:
ما روضة من رياض الحزن معشبة * خضراء جاد عليها مسبل هطل فوصفها بأنها من رياض الحزن، لان الحزون: غرسها ونباتها أحسن وأقوى من غروس الأودية والتلاع وزروعها. وفي الربوة لغات ثلاث، وقد قرأ بكل لغة منهن جماعة من القراء، وهي ربوة بضم الراء، وبها قرأت عامة قراء أهل المدينة والحجاز والعراق.
وربوة بفتح الراء، وبها قرأ بعض أهل الشام، وبعض أهل الكوفة، ويقال إنها لغة لتميم.