المراد من ذلك هو أن يراعي النبي الظروف والملابسات المحيطة بكل حالة، فإن رأى الوضع يقتضي الحكم بينهم حكم، وإن رأى خلاف ذلك تركهم وأعرض عنهم.
ولكي تعزز الآية الاطمئنان في نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، إن هو ارتأى الإعراض عن هؤلاء لمصلحة أكدت قائلة: وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا....
كما أكدت ضرورة اتباع العدل وتطبيقه إذا كانت الحالة تقتضي أن يحكم النبي بين هؤلاء فقالت الآية: وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين.
وقد اختلف المفسرون في قضية تخيير النظام الإسلامي بين الحكم في غير المسلمين بأحكام الإسلام أو الإعراض عنهم، وهل أن هذا التخيير باق على قوته أو أنه أصبح منسوخا؟
ويرى البعض أن الناس في ظل الحكم الإسلامي مشمولون من الناحيتين الحقوقية والجزائية بالقوانين الإسلامية، سواء كانوا مسلمين أم غير مسلمين. وبناء على هذا الرأي فإن حكم التأخير إما أن يكون منسوخا وإما أنه يخص غير الكفار الذميين، أي يخض أولئك الكفار الذين لا يعيشون في ظل حكم اسلامي، بل يرتبطون بالمسلمين باتفاقيات أو مواثيق، أو يكون بينهم علاقات ود وتزاور.
ويعتقد مفسرون آخرون أن الحاكم المسلم يكون مخيرا - حتى في الوقت الحاضر لدى التعامل مع غير المسلمين، فهو إما أن يطبق فيهم الأحكام الإسلامية إذا اقتضت الضرورة والمصلحة ذلك، وإما أن يعرض عنهم ويحيلهم إلى قوانينهم الخاصة بهم، بحسب ظروف وملابسات كل حالة " للاطلاع أكثر على تفاصيل هذا الحكم تراجع كتب الفقه ".
* * *