الثورة الفكرية هي الأساس والمنطلق لكل اصلاح يراد تحقيقه في كل مجتمع فاسد.
وفي الختام، يمارس القرآن الكريم نفس أسلوب الذم الذي اتبعه مع أهل المعاصي الحقيقيين، فيذم العلماء الساكتين الصامتين التاركين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقبح صمتهم هذا، كما تقول الآية: ولبئس ما كانوا يصنعون.
وهكذا تبين أن مصير الذين يتخلون عن مسؤولية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العظيمة وخاصة إن كانوا من العلماء يكون كمصير أصحاب المعاصي، وهؤلاء في الحقيقة شركاء في الذنب مع العاصين.
ونقل عن ابن عباس المفسر المعروف قوله: بأن هذه الآية أعنف آية وبخت العلماء المتجاهلين لمسؤولياتهم الصامتين عن المعاصي.
وبديهي أن هذا الحكم لا ينحصر في علماء اليهود والنصارى، بل يشمل كل العلماء مهما كانت دياناتهم إن هم سكتوا وصمتوا أمام تلوث مجتمعاتهم بالذنوب وتسابق الناس في الظلم والفساد، ذلك لأن حكم الله واحد بالنسبة لجميع البشر.
وورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في إحدى خطبه، أن سبب هلاك الأقوام السابقة هو ارتكابهم للمعاصي وسكوت علمائهم عليهم وامتناعهم عن النهي عن المنكر فكان ينزل عليهم - لهذا السبب - البلاء والعذاب من الله، وأن على الناس أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر لكي لا يتورطوا بمصير أولئك الأقوام (1).
كما ورد بنفس هذا المضمون كلام للإمام علي (عليه السلام) في (نهج البلاغة) في آخر خطبته القاصعة (الخطبة 192) قوله (عليه السلام): " فإن الله سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلا لتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلعن السفهاء لركوب