عزلت حساب الأقلية الصالحة بدقة عن الأكثرية الآثمة باستخدام كلمة (أكثركم) في العبارة الأخيرة منها.
الآية الثانية تقارن المعتقدات المحرفة وأعمال أهل الكتاب والعقوبات التي تشملهم بوضع المؤمنين الأبرار من المسلمين لكي يتبين أي الفريقين يستحق النقد والتقريع، وهذا بذاته جواب منطقي للفت انتباه المعاندين والمتطرفين في عصبيتهم.
وفي هذه المقارنة تطلب الآية من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يسأل هؤلاء: هل أن الإيمان بالله الواحد وبكتبه التي أنزلها على أنبيائه أجدر بالنقد والاعتراض، أم الأعمال الخاطئة التي تصدر من أناس شملهم عقاب الله؟
فتخاطب الآية النبي بأن يسأل هؤلاء: إن كانوا يريدون التعرف على أناس لهم عند الله أشد العقاب جزاء ما اقترفوه من أعمال، حيث تقول: قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله... (1).
ولا شك أن الإيمان بالله وكتبه ليس بالأمر غير المحمود، وأن المقارنة الجارية في هذه الآية بين الإيمان وبين أعمال وأفكار أهل الكتاب، هي من باب الكناية، كما ينتقد انسان فاسد انسانا تقيا فيسأل الإنسان التقي ردا على هذا الفاسد: أيهما أسوأ الأتقياء أم الفاسدون.
بعد هذا تبادر الآية إلى شرح الموضوع، فتبين أن أولئك الذين شملتهم لعنة الله فمسخهم قرودا وخنازير، والذين يعبدون الطاغوت والأصنام، إنما يعيشون في هذه الدنيا وفي الآخرة وضعا أسوأ من هذا الوضع، لأنهم ابتعدوا كثيرا عن طريق الحق وعن جادة الصواب، تقول الآية الكريمة: من لعنه الله وغضب