الواسعة، ومحبته ولطفه - كان من اللازم أن يبدد كل الوساوس ويقاومها، ولا يسلم للشيطان، إلا أنه قد وقع ما وقع على كل حال.
وبمجرد أن ذاق آدم وزوجته من تلك الشجرة الممنوعة تساقط عنهما ما كان عليهما من لباس وانكشفت سوءاتهما فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما.
ويستفاد من العبارة أعلاه أنهما بمجرد أن ذاقا من ثمرة الشجرة الممنوعة أصيبا بهذه العاقبة المشؤومة، وفي الحقيقة جردا من لباس الجنة الذي هو لباس الكرامة الإلهية لهما.
ويستفاد من هذه الآية جيدا أنهما قبل ارتكابهما لهذه المخالفة لم يكونا عاريين، بل كانا مستورين بلباس لم يرد في القرآن ذكر عن حقيقة ذلك اللباس وكيفيته، ولكنه على اي حال كان يعد علامة لشخصية آدم وحواء ومكانتهما واحترامهما، وقد تساقط عنهما بمخالفتهما لأمر الله، وتجاهلهما لنهيه.
على حين تقول التوراة المحرفة: إن آدم وحواء كانا في ذلك الوقت عاريين بالكامل، ولكنهما لم يكونا يدركان قبح العري، وعندما ذاقا وأكلا من الشجرة الممنوعة التي كانت شجرة العلم والمعرفة، انفتحت أبصار عقولهما، فرأيا عريهما، وعرفا بقبح هذه الحالة.
إن آدم الذي تصفه التوراة لم يكن في الواقع إنسانا، بل كان بعيدا من العلم والمعرفة جدا، إلى درجة أنه لم يكن يعرف حتى عريه.
ولكن آدم الذي يصفه القرآن الكريم، لم يكن عارفا بوضعه فحسب، بل كان واقفا على أسرار الخلقة أيضا (علم الأسماء)، وكان يعد معلم الملائكة، وإذا ما استطاع الشيطان أن ينفذ فيه فإن ذلك لم يكن بسبب جهله، بل استغل الشيطان صفاء نيته، وطيب نفسه.
ويشهد بهذا القول الآية (27) من نفس هذه السورة، والتي تقول: يا بني آدم