نبئوني بعلم إن كنتم صادقين.
ثم في الآية اللاحقة يبين الأزواج الأربعة الأخرى من الأنعام التي خلقها الله للبشر، إذ يقول: وخلق من الإبل ذكرا وأنثى، ومن البقر ذكرا وأنثى، فأي واحد من هذه الأزواج حرم الله عليكم: الذكور منها أم الإناث؟ أم ما في بطون الإناث من الإبل والبقر: ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين قل أآلذكرين حرم أم الأنثيين، أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين؟!
وحيث أن الحكم بتحليل هذه الأنعام وتحريمها إنما هو بيد الله خالقها وخالق البشر وخالق العالم كله، من هنا يتوجب على كل من يدعي تحليل أو تحريم شئ منها، إما أن يثبت ذلك عن طريق شهادة العقل، وإما أن يكون قد أوحي له بذلك، أو يكون حاضرا عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند صدور هذا الحكم منه.
ولقد صرح في الآية السابقة بأنه لم يكن لدى المشركين أي دليل علمي أو عقلي على تحريم هذه الأنعام، وحيث أنهم لو يدعوا أيضا نزول الوحي عليهم، أو النبوة، فعلى هذا يبقى الاحتمال الثالث فقط، وهو أن يدعوا أنهم حضروا عند أنبياء الله ورسله يوم أصدروا هذه الأحكام، ولهذا يقوم الله لهم في مقام الاحتجاج عليهم: هل حضرتم عند الأنبياء وشهدتم أمر الله لهم بتحليل أو تحريم شئ من هذه الأنعام: أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بها؟!
وحيث إن الجواب على هذا السؤال هو الآخر بالنفي والسلب، يثبت أنهم ما كانوا يمتلكون في هذا المجال إلا الافتراء، ولا يستندون إلا إلى الكذب.
ولهذا يضيف في نهاية الآية قائلا: فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا، ليضل الناس بغير علم، إن الله لا يهدي القوم الظالمين (1).
فيستفاد من هذه الآية أن الافتراء على الله من أكبر الذنوب والآثام، إنه ظلم