أنشأها الله، وفي هذه الآيات يدور الحديث حول الحيوانات المحللة اللحم، وما تؤديه من خدمات، وما يأتي منها من منافع.
يقول أولا: إن الله هو الذي خلق لكم حيوانات كبيرة للحمل والنقل، وأخرى صغيرة: ومن الأنعام حمولة وفرشا (1).
و " حمولة " جمع وليس لها مفرد - كما قال علماء اللغة - وتعني الحيوانات الكبيرة التي تستخدم للحمل والنقل كالإبل والفرس ونظائرها.
و " فرش " هو بنفس المعنى المتعارف، ولكن فسر هنا بالغنم وما يشابهه من الحيوانات الصغيرة، والظاهر أن العلة في ذلك هو أن هذا النوع من الأنعام لصغرها واقترابها من الأرض كالفراش في مقابل الأنعام والحيوانات الكبيرة الجثة - التي تقوم بعملية الحمل والنقل، كالإبل - فعند ما نشاهد قطعيا من الأغنام وهي مشغولة بالرعي في الصحاري والمراعي بدت لنا وكأنها فرش ممدودة على الأرض، في حين أن قطيع الإبل لا يكون له مثل هذا المنظر.
ثم إن تقابل " الحمولة " ل " الفرش " أيضا يؤيد هذا المعنى.
وقد ذهب بعض المفسرين إلى احتمال آخر أيضا، وهو أن المراد من هذه الكلمة هي الفرش التي يتخذها الناس من هذه الأنعام والحيوانات، يعني أن الكثير من هذه الحيوانات تستخدم للحمل والنقل، كما يستفاد منها في صنع الفرش. ولكن الاحتمال الأول أقرب إلى معنى الآية.
ثم إن الآية الشريفة تخلص إلى القول بأنه لما كانت جميع هذه الانعام قد خلقها الله تعالى وحكمها بيده، فإنه يأمركم قائلا: كلوا مما رزقكم الله.
أما أنه لماذا لا يقول: كلوا من هذه الأنعام والحيوانات، بل يقول: كلوا مما رزقكم الله؟ فلأن الحيوانات المحللة اللحم لا تنحصر في ما ذكر في هذه الآيات، بل هناك حيوانات أخرى محللة اللحم أيضا ولكنها لم تذكر في الآيات