ولتوكيد هذه الأمر تضيف الآية: كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون. فيسلبهم التوفيق ويركسهم في التعاسة والشقاء.
ملاحظات هنا يبغي أن نلاحظ النقاط التالية:
3 1 - ما المقصود من " الهداية " و " الضلالة "؟
سبق لنا أن قلنا مرات عديدة أن المقصود من لفظي " الهداية " و " الضلالة " الإلهيين هو توفير الظروف والمقدمات المؤدية إلى الهداية بالنسبة للذين لهم الاستعداد لذلك، وسلبها عن الذين لا استعداد لهم لذلك، بالنظر إلى أعمالهم.
إن السالكين طريق الحق والباحثين عن الإيمان المتعطشين إليه، يضع الله في طريقهم مصابيح مضيئة لكيلا يضيعوا في ظلمات الطريق، وليصلوا إلى منبع إكسير الحياة، أما الذين أثبتوا تماهلهم تجاه هذه الحقائق فهم محرومون من هذه الإمدادات الإلهية، وسوف يتعثرون في طريقهم بالكثير من المشاكل، ولا يوفقون لهداية.
وبناءا على ذلك، فلا الفريق الأول مجبور على السير في هذا الطريق، ولا الفريق الثاني في أعمالهم، وفي الواقع أن الهداية والضلال يكملان ما أرادوه هم بأنفسهم واختاروه.
3 2 - المقصود من " الصدر " هنا هو الروح والفكر، وهذه الكناية ترد كثيرا، والمقصود من " الشرح " هو بسط الروح وارتفاع الفكر واتساع أفق العقل البشري، لأن تقبل الحق يستدعي التنازل عن الكثير من المصالح الشخصية، مما لا يقدر عليه إلا ذوو الأرواح العالية والأفكار السامية.
3 3 - " الحرج " بمعنى الضيق الشديد، وهذه هي حال المعاندين وفاقدي الإيمان، ففكرهم قاصر وروحهم ضيقة صغيرة، ولا يتنازلون في حياتهم عن شئ.