مياه العيون والآبار والأنهار والقنوات وغيرها منشؤها الأمطار من السماء، وقلة الأمطار تؤثر في كمية المياه في تلك المصادر كلها، وإذا استمر الجفاف جفت تلك المنابع، أيضا.
ثم تشير إلى أثر نزول الأمطار البارز: فأخرجنا به نبات كل شئ.
يرى المفسرون احتمالين في المقصود من نبات كل شئ:
الأول: إن المقصود من ذلك كل أنواع النباتات وأصنافها التي تسقى من ماء واحد، وتنبت في أرض واحدة وتتغذى من تربة واحدة، وهذه واحدة من عجائب الخلق، كيف تخرج كل هذه الأصناف من النباتات بأشكالها وألوانها وأثمارها المختلفة والمتباينة أحيانا من أرض واحدة وماء واحد!
والاحتمال الثاني: هو أن النباتات يحتاج إليها كل مخلوق آخر من حشرات وطيور وحيوانات في البحر والبر، وانه لمن العجيب أن الله تعالى يخرج من أرض واحدة وماء واحد الغذاء الذي يحتاجه كل هؤلاء، وهذا من روائع الأعمال المعجزة كأن يستطيع أحد أن يصنع من مادة معينة في المطبخ آلاف الأنواع من الأطعمة لآلاف الأذواق والأمزجة.
والأعجب من كل هذا أن نباتات الصحراء واليابسة ليست وحدها التي تنمو ببركة ماء المطر، بل إن النباتات المائية الصغيرة التي تطفو على سطح البحر وتكون غذاء للأسماك تنمو بأشعة الشمس وقطرات المطر.
ولا أنسى ما قاله أحد سكان المدن الساحلية وهو يشكو قلة الصيد في البحر، ويذكر سبب ذلك بأنه الجفاف وقلة نزول المطر، فكان يعتقد أن قطرات المطر في البحار أشد تأثيرا منها في اليابسة.
ثم تشرح الآية ذلك وتضرب مثلا ببعض النباتات التي تنمو بفضل الماء، فتذكر أن الله يخرج بالماء سيقان النباتات الخضر من الأرض، ومن تلك الحبة الصلبة يخلق الساق الأخضر الطري اللطيف الجميل بشكل يعجب الناظرين: