طريق التوحيد قال أتحاجوني في الله وقد هدان.
يتضح في هذه الآية بجلاء أن قوم إبراهيم المشركين من عبدة الأصنام كانوا يحاولون جهدهم وبأي ثمن أن يبعدوا إبراهيم عن عقيدته ويرجعوه إلى عبادة الأصنام، ولكنه بكل شجاعة وجرأة رد عليهم بالدلائل المنطقية الواضحة.
لا تشير هذه الآيات إلى المنطق الذي توسل به قوم إبراهيم لحمله على ترك عقيدته، ولكن يبدو من جواب إبراهيم أنهم قد حذروه وهددوه بغضب آلهتهم وعقابها في محاولة لإرعابه وإخافته، لأننا على أثر ذلك نسمع إبراهيم يستهين بتهديدهم ويؤكد لهم أنه لا يخشى أصنامهم التي لا حول لها ولا قوة في إيصال أي أذى إليه ولا أخاف ما أشركتم به... فما من أحد ولا من شئ بقادر على أن يلحق بي ضررا إلا إذا شاء الله: إلا أن يشاء ربي شيئا (1).
يظهر من هذه الآية أن إبراهيم (عليه السلام) سعى لاتخاذ إجراء وقائي تجاه حوادث محتملة، فيؤكد أنه إذا أصابه في هذا الصراع شئ - فرضا - فلن يكون لذلك أي علاقة بالأصنام، بل يعود إلى إرادة الله، لأن الصنم الذي لا روح فيه ولا قدرة له على أن ينفع نفسه أو يضرها، لا يتأتى له أن ينفع أو يضر غيره.
ويضيف إلى ذلك مبينا أن ربه على درجة من سعة العلم بحيث يسع بعلمه كل شئ: وسع ربي كل شئ علما.
هذه العبارة - في الواقع - دليل على العبارة السابقة التي تقول: إن الأصنام لا قدرة لها على النفع والضرر، لأنها لا تملك العلم ولا المعرفة اللازمين لمن يريد أن ينفع أو يضر، إن الله الذي أحاط علمه بكل شئ هو وحده القادر على أن يكون منشأ النفع والضرر، فلم إذن أخشى غضب غير الله؟!
ثم يحرك فيهم روح البحث والتفكير فيخاطبهم قائلا: أفلا تتذكرون.