ثم يأتي باستدلال آخر على المشركين، فيقول: إذا عدنا إلى عبادة الأصنام، بعد الهداية الإلهية نكون قد رجعنا القهقري، وهذا يناقض قانون التكامل الذي هو قانون حياتي عام: ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله (1).
ثم يضرب مثلا لتوضيح الأمر، فيقول: إن الرجوع عن التوحيد إلى الشرك أشبه بالذي أغوته الشياطين (أو غيلان البوادي التي كان عرب الجاهلية يعتقدون أنه ا تكمن في منعطفات الطرق وتغوي السابلة وتضلهم عن الطريق) فتاه عن مقصده وظل حيرانا في البادية: كالذين استهوته الشياطين في الأرض حيران بينما له رفاق يرشدونه إلى الصراط السوي المستقيم وينادونه: هلم إلينا، ولكنه من الحيرة والتيه بحيث لا يسمع النداء، أو إنه غير قادر على اتخاذ القرار:
له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا (2).
وفي الختام يؤمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول: إن الهداية من الله وليس لنا إلا أن نسلم لأمر الله رب العالمين: قل إن هدى الله هو الهدى وأمرنا لنسلم لرب العالمين.
وهذا دليل آخر على رفض دين المشركين، إذ التسليم لا يكون إلا لخالق الكون ومالكه ورب عالم الوجود، لا الأصنام التي لا دور لها في إيجاد هذا العالم وإدارته.
سؤال:
يبرز هنا هذا السؤال: لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل البعثة من أتباع دين