عمره " أجل " غير محتوم.
والحال كذلك بالنسبة للإنسان، فإذا توفرت جميع ظروف بقاءه وزالت جميع الموانع من طريق استمرار حياته، فإن بنيته تضمن بقاءه مدة طويلة إلى حد معين، ولكنه إذا تعرض لسوء التغذية، أو ابتلى بنوع من الإدمان، أو إذا انتحر، أو أعدم لجريمة ومات قبل تلك المدة، فإن موته في الحالة الأولى يكون أجلا محتوما، وفي الحالة الثانية أجلا غير محتوم.
وبعبارة أخرى: الأجل الحتمي يكون عندما ننظر إلى " مجموع العلل التامة "، والأجل غير الحتمي يكون عندما ننظر إلى " المقتضيات " فقط.
استنادا إلى هذين النوعين من الأجل يتضح لنا كثير من الأمور، من ذلك مثلا ما نقرؤه في الروايات والأحاديث من أن صلة الرحم تطيل العمر، وقطعها يقصر العمر، وواضح أن العمر هنا هو الأجل غير الحتمي.
أما قوله تعالى: فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (1).
فهو الأجل المحتوم، أي أن الإنسان قد وصل إلى نهاية عمره، وهو لا يشمل الموت غير المحتوم السابق لأوانه.
ولكن علينا أن نعلم - على كل حال - أن الأجلين يعينهما الله، الأول بصورة مطلقة، والثاني بصورة معلقة أو مشروطة، وهذا يشبه بالضبط قولنا: إن هذا السراج ينطفئ بعد عشرين ساعة بدون قيد ولا شرط، ونقول إنه ينطفئ بعد ساعتين إذا هبت عليه ريح، كذلك الأمر بالنسبة للإنسان والأقوام والملل، فنقول: إن الله شاء أن يموت الشخص الفلاني أو أن تنقرض الأمة الفلانية بعد كذا من السنين، ونقول إن هذه الأمة إذا سلكت طريق الظلم والنفاق والتفرقة والكسل والتهاون فإنها ستهلك في ثلث تلك المدة، كلا الأجلين من الله، الأول مطلق والآخر مقيد بشروط.
جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام) تعقيبا على هذه الآية قوله: " هما أجلان: أجل محتوم وأجل موقوف " كما جاء عنه في أحاديث أخرى أن الأجل الموقوف قابل