والشرط الوحيد لذلك هو الاعتدال والتقوى عند التمتع بتلك النعم: واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون أي أن إيمانكم بالله يوجب عليكم احترام أوامره في التمتع وفي الاعتدال والتقوى.
هناك احتمال آخر في تفسير هذه الآية، وهو أن الأمر بالتقوى يعني إن تحريم المباحات والطيبات لا يأتلف مع درجات التقوى المتكاملة الرفيعة، فالتقوى تستلزم أن لا يتجاوز الإنسان حد الاعتدال من جميع الجهات.
والآية التي بعدها تتناول القسم الذي يقسم به الإنسان في حالة تحريم الحلال وفي غيره من الحالات بشكل عام، ويمكن القول أن القسم نوعان:
فالأولى: هو القسم اللغو، فيقول: لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم.
في تفسير الآية (225) من سورة البقرة - التي تتناول موضوع عدم وجود عقاب على اللغو في الأيمان - قلنا: إن المقصود باللغو في الأيمان - كما يقول المفسرون والفقهاء - الأيمان التي ليس لها هدف معين ولا تصدر عن وعي وعزم إرادي، وإنما هي قسم يحلف به المرء من غير تمعن في الأمر فيقول: والله وبالله، أو لا والله ولا بالله، أو إنه في حالة من الغضب والهياج يقسم دون وعي.
ويقول بعضهم: إن الإنسان إذا كان واثقا من أمر فاقسم به، ثم ظهر أنه قد أخطأ، فقسمه - يعتبر أيضا - من نوع اللغو في الأيمان، كأن يتيقن أحدهم من خيانة زوجته على أثر سعاية بعض الناس ووشايتهم، فيقسم على طلاقها، ثم يتضح له أن ما سمعه بحقها كان كذبا وافتراء، فإن قسمه ذاك لا اعتبار له، إننا نعلم أيضا أنه بالإضافة إلى توفر القصد والإرادة والعزم في القسم الجاد، يجب أن يكون محتواه غير مكروه وغير محرم، وعليه إذا أقسم أحدهم مختارا أن يرتكب عملا محرما أو مكروها، فإن قسمه لا قيمة له ولا يلزمه الوفاء به، ويحتمل أن يكون مفهوم " اللغو " في هذه الآية مفهوما واسعا يشمل هذا النوع من الأيمان أيضا.