سابقا (1).
مع كل الاحتمالات العديدة الواردة في تفسير جملة من الذين يخافون إلا أن الواضح من ظاهر هذه الجملة، هو أن الرجلين المذكورين في الآية هما من جماعة تخاف الله وتخشاه وحده دون غيره، ويؤيد هذا التفسير ما جاء في جملة أنعم الله عليهما... فأي نعمة أكبر وأرفع من أن يخاف الإنسان من الله وحده ولا يخشى أحدا سواه.
وقد يسأل سائل في هذا المجال عن مصدر علم هذين الرجلين، وكيف أنهما علما أن بني إسرائيل ستكون لهم الغلبة إن هم دخلوا المدينة - أو الأرض المقدسة - في هجوم مباغت؟
وجوابه: لعل علم هذين الرجلين بتلك الغلبة كان نابعا من ثقتهما بأقوال النبي موسى (عليه السلام) أو أنهما اعتمدا على قاعدة كلية في الحروب، مفادها أن الجماعة المهاجمة إن استطاعت الوصول إلى مقر ومركز العدو - أي تمكنت من محاربة العدو في داره - فإنها سننتصر عليه (2) عادة.
والمستهدفون في تلك الحرب هم قوم العمالقة، وهم بسبب ما كانوا عليه من طول خارق، كان أسهل عليهم أن يحاربوا في بر أو فضاء مفتوح بدل الحرب في مدينة، فيها - بحسب العادة - الأزقة والطرق الملتوية (بغض النظر عن الجوانب الأسطورية التي تتحدث عن الطول الخارق لهؤلاء العمالقة)، أضف إلى ذلك كله أن العمالقة - كما نقل - كانوا على رغم قاماتهم الطويلة أناسا جبناء رعاديد، يرهبهم كل هجوم مباغت، وكل هذه الأسباب أصبحت دليلا قويا لدى الرجلين المذكورين ليقولا بحتمية انتصار بني إسرائيل.