وقد ظن البعض أن المراد من كلمة " الملوك " الواردة في الآية هم الملوك والسلاطين الذين ظهروا من سلالة بني إسرائيل، في حين أن المعروف هو أن بني إسرائيل لم يحكموا إلا فترة قصيرة، فلم يحظ منهم إلا القليل بمنزلة الملوكية، بينما الآية - موضوع البحث - تقول: وجعلكم ملوكا وهذه إشارة إلى تمتع جميع بني إسرائيل بهذه المنزلة، ويتبين من هذا أن المراد بكلمة " ملوك " الواردة في الآية أن بني إسرائيل قد تملكوا مصائرهم ومقدراتهم بعد أن كانوا مكبلين بقيود العبودية في ظل الحكم الفرعوني.
إضافة إلى ذلك فإن كلمة " ملك " في اللغة لها معان عديدة منها " السلطان " ومنها " المالك لزمان الأمور " ومنها - أيضا - المالك لرقبة شئ معين (1).
ونقل في تفسير " الدر المنثور " عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حديثا جاء فيه: " كانت بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم ودابة وامرأة كتب ملكا... ".
وتشير هذه الآية في اخرها إلى أن الله قد وهب بني إسرائيل في ذلك الزمان نعما لم ينعم بها على أحد من أفراد البشر في ذلك الحين فتقول: وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين وكانت هذه النعم والوافرة كثيرة الأنواع، فمنها نجاة بني إسرائيل من مخالب الفراعنة الطغاة، وانفلاق البحر لهم، ونزول غذاء خاص عليهم مثل " المن والسلوى "، وقد أوردنا تفاصيل ذلك في الجزء الأول من كتابنا هذا، لدي تفسير الآية (57) من سورة البقرة.
والآية التالية تبين واقعة دخول بني إسرائيل إلى الأرض المقدسة نقلا عن لسان نبيهم موسى (عليه السلام) فتقول: يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين.
وقد اختلف المفسرون حول المراد بعبارة (الأرض المقدسة) الواردة في الآية،