جهنم لن تمسهم إلا في أيام معدودة، وقد وبخهم القرآن على زعمهم هذا.
وفي الآية الأخيرة يشير القرآن الكرم إلى ادعائهم البنوة لله، وزعمهم أنهم أحباء لله، ولا شك أن هؤلاء لم يعرفوا أنفسهم كأبناء حقيقيين لله، بل إن المسيحيين وحدهم يدعون أن المسيح هو الابن الحقيقي لله، وقد صرحوا بهذا الأمر (1) وأنهم حين اختاروا لأنفسهم صفة البنوة لله وأدعوا بأنهم الله إنما ليظهروا بأن لهم علاقة خاصة بالله سبحانه، وكأنهم أرادوا كل من ينتمي إليهم انتماء قوميا أو عقائديا يصبح من أبناء الله وأحبائه حتى لو لم يقم بأي عمل صالح. (2) وواضح لدينا أن القرآن الكريم حارب كل هذه الامتيازات والدعاوى الوهمية، فهو لا يرى للإنسان امتيازا إلا بالإيمان والعمل الصالح والتقوى، ولذلك تقول الآية الأخيرة في تفنيد وإبطال الادعاء الأخير: قل فلم يعذبكم بذنوبكم فهؤلاء - بحسب اعترافهم أنفسهم - يشملهم العذاب الإلهي حيث قالوا بأن العذاب يمسهم لأيام معدودة، فكيف يتلاءم ذلك الادعاء وهذا الاعتراف؟ وكيف يمكن أن يشمل عذاب الله أبناءه وأحباءه؟! ومن هنا يثبت أن لا أساس ولا صحة لهذا الادعاء، وقد شهد تاريخ هؤلاء على أنهم حتى في هذه الدنيا ابتلوا بسلسلة من العقوبات الإلهية، ويعتبر هذا دليلا آخر على زيف وبطلان دعواهم تلك.
ولكي تؤكد الآية الكريمة زيف وبطلان الدعوى المذكورة استطردت تقول:
بل أنتم بشر ممن خلق... والقانون الإلهي عام، فإن الله يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء....
وبالإضافة إلى ذلك فإن كل البشر هم من خلق الله، وهم عباده وأرقاؤه،