2 التفسير 3 بنو إسرائيل والأرض المقدسة:
جاءت هذه الآيات لتثير لدى اليهود دافع التوجه إلى الحق والسعي لمعرفته أولا، وإيقاظ ضمائرهم حيال الأخطاء والآثام التي ارتكبوها ثانيا، ولكي تحفزهم إلى السعي لتلافي أخطائهم والتعويض عنها، ويذكرهم القرآن في الآية الأولى بما قاله النبي موسى (عليه السلام) لأصحابه حيث تقول: وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم....
ولا يخفى أن عبارة (نعمة الله) تشمل جميع الأنعم الإلهية، لكن الآية استطردت فبينت ثلاثا من أهم هذه النعم، أولها نعمة ظهور أنبياء وقادة كثيرين بين اليهود، والتي تعتبر أكبر نعمة وهبها الله لهم، فتقول الآية: إذ جعل فيكم أنبياء... وقد نقل أن في زمن موسى بن عمران وحده كان يوجد بين اليهود سبعون نبيا، وإن السبعين رجلا الذين ذهبوا مع موسى (عليه السلام) إلى جبل " الطور " كانوا كلهم بمنزلة الأنبياء.
وفي ظل هذه النعمة (نعمة وجود الأنبياء) نجي اليهود من هاوية الشرك والوثنية وعبادة العجل وتخلصوا من مختلف أنواع الخرافات والأوهام والقبائح والخبائث، لذلك أصبحت هذه النعمة أكبر النعم المعنوية التي أنعم الله بها على بني إسرائيل.
بعد هذا تشير الآية إلى أكبر نعمة مادية وهبها الله لليهود فتقول: وجعلكم ملوكا... وتعتبر هذه النعمة - أيضا - مقدمة للنعم المعنوية، فقد عانى بنو إسرائيل لسنين طويلة من ذل العبودية في ظل الحكم الفرعوني، فلم يكونوا ليمتلكوا في تلك الفترة أي نوع من حرية الإرادة، بل كانوا يعاملون معاملة البهائم المكبلة في القيود، وقد أنقذهم الله من كل تلك القيود ببركة النبي موسى بن عمران (عليه السلام) وملكهم مصائرهم ومقدراتهم.