ظل الصدف والمعاجز دون أن يبادروا بأنفسهم إلى بذل جهد في هذا المجال، ورد هؤلاء على طلب موسى (عليه السلام) بقولهم كما تنقله الآية: قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين (1) وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون.
ويدل جواب بني إسرائيل هذا على الأثر المشؤوم الذي خلفه الحكم الفرعوني على نفوس هؤلاء فإن في كلمة " لن " التي تفيد التأييد دلالة على الخوف والرعب العميقين اللذين استوليا على هذه الطائفة مما أرغمهم على الامتناع عن الدخول في أي صراع من أجل تحرير الأرض المقدسة وتطهيرها.
وكان على بني إسرائيل أن يحرروا تلك الأرض بكفاحهم وتضحياتهم، أما لو أن الأعداء تركوا الأرض المقدسة أو أبيدوا فيها بمعجزة على خلاف السنة الإلهية الطبيعية، فإن بني إسرائيل بدخولهم إليها - في مثل هذه الحالة دون أي عناء أو مشقة - كانوا سيواجهون العجز في إدارة تلك الأرض الواسعة الغنية، ولم يكونوا ليبدوا أي اهتمام بالحفاظ على شئ حصلوا عليه دون جهد أو معاناة، فلا يظهر لديهم والحالة هذه أي استعداد أو كفاءة لعمل ذلك.
أما المراد من عبارة قوما جبارين فهم كما تدل عليه التواريخ قوم " العمالقة " (2) الذين كانوا يمتلكون أجساما ضخمة، وكانت لهم أطوال خارقة، بحيث ذهب الكثير إلى المبالغة في طول أجسام هؤلاء وصنعوا الأساطير