وبعبارة أخرى، فإن الرسل هم أشخاص كانوا يمارسون الدعوة على نطاق واسع، وكانوا يبشرون وينذرون الناس، ويثيرون الحركة والنشاط في المجتمعات، ويوقظونها من سباتها بهدف إيصال ندائهم إلى الجميع، بينما لم يكن جميع أوصياء الرسل ليحملوا مثل تلك المهمة، بل يحتمل - أيضا - إنهم لظروف وعوامل اجتماعية خاصة، كانوا يعيشون بين الناس أحيانا متخفين متنكرين.
ويقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في إحدى خطبه الواردة في كتاب " نهج البلاغة " في هذا المجال ما يلي: " اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهرا مشهورا أو خائفا مغمورا لئلا تبطل حجج الله وبيناته، يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعوها نظراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم " (1).
وواضح أن المجتمع البشري لو خلى من الرسل الثوريين والدعاة العالمين، لعمت هذه المجتمع الخرافات والوساوس الشيطانية والانحرافات والجهل بالتعاليم الإلهية، وتكون مثل هذه الحالة خير حجة بأيدي أولئك الذين يريدون الفرار والتخلي عن المسؤوليات، لذلك فإن الله يبطل هذه الحجة عن طريق الرجال الرساليين المرتبطين به والموجودين دائما بين أبناء البشر.
وفي الختام تؤكد الآية على شمولية قدرة الله عز وجل فتقول: والله على كل شئ قدير وهذا بيان بأن إرسال الأنبياء والرسل وتعيين أوصيائهم أمر يسير بالنسبة لقدرة الله العزيز المطلقة.
* * *