الزوجية وأسلوب التعامل مع الزوجة) أما العدالة الواردة في الآية (29) 1 من نفس السورة (والتي اعتبر تحقيقها أمرا مستحيلا) فالمقصود بها العدالة في الميول القلبية، (وعلى هذا الأساس فإن تعدد الزوجات ليس ممنوعا ولا مستحيلا إذا روعيت فيه الشروط الإسلامية)، فلما رجع هشام بالجواب إلى ابن أبي العوجاء حلف هذا الأخير أن هذا الجواب ليس من عندك.
ومعلوم أن تفسيرنا لكلمتي العدالة - الواردتين في الآية الثالثة والآية (129) من سورة النساء - بمعنيين يختلف أحدهما عن الآخر، إنما هو للقرينة الواضحة الواردة مع كل من الآيتين المذكورتين، لأن الآية الأخيرة تأمر الإنسان أن لا يميل ميلا شديدا لإحدى زوجاته ويترك الأخريات في الحيرة من شأنهن، ولهذا فهي تدل على جواز تعدد الزوجات مع اشتراط أن لا يحصل إجحاف بحق إحداهن لحساب الأخرى، مع الإذعان باستحالة تحقق المساواة في الحب القلبي لكلا الزوجتين، أما في الآية الثالثة من سورة النساء فقد ورد التصريح في أولها بجواز تعدد الزوجات.
أما الآية الثانية من الآيتين الأخيرتين، فهي تشير إلى هذه الحقيقة، وهي أنه لو استحال مواصلة الحياة الزوجية للطرفين - الزوج والزوجة - واستحال الإصلاح بينهما، فإنهما - والحالة هذه - غير مرغمين على الاستمرار في مثل هذه الحياة المرة الكريهة، بل يستطيعان أن ينفصلا عن بعضهما وعليهما اتخاذ موقف شجاع وحاسم في هذا المجال دون خوف أو رهبة من المستقبل، لأنهما لو انفصلا في مثل تلك الحالة فإن الله العليم الحكيم سيغنيهما من فضله ورحمته، فلا يعدمان الأمل في حياة مستقبلية أفضل، فتقول الآية الكريمة في هذا المجال:
وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما.
* * *