يكون (لا ريب فيه)، و (هدى) جميعا، خبرا بعد خبر، كقولك هذا حلو حامض أي: جمع الطعمين، ومنه قول الشاعر (1):
من يك ذابت فهذا بتي * مقيظ، مصيف، مشتي وسادسها: أن يكون خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هذا ذلك الكتاب. وإن حملت على هذا الوجه، أو على أنه مبتدأ، و (لا ريب فيه) الخبر، أو على أنه خبر (ألم)، أو على أن (الكتاب) خبر عنه، كان قوله (هدى) في موضع نصب على الحال أي: هاديا للمتقين. والعامل فيه معنى الإشارة والاستقرار الذي يتعلق به فيه.
وقوله: (لا ريب) قال سيبويه: (لا) تعمل فيما بعدها فتنصبه بغير تنوين. وقال غيره من حذاق النحويين: جعل (لا) مع النكرة الشائعة مركبا فهو أوكد من تضمين الاسم معنى الحرف، لأنه جعل جزءا من الاسم بدلالة أنك تضيف إليه مجموعا، وتدخل عليه حرف الجر، فتقول: جئتك بلا مال ولا زاد، فلما صار كذلك بني على الفتح. وهما جميعا في موضع الرفع على الابتداء. فموضع خبره موضع خبر المبتدأ. وعلى هذا فيجوز أن تجعل فيه خبر. ويجوز أن تجعله صفة. فإن جعلته صفة أضمرت الخبر، وإن جعلته خبرا كان موضعه رفعا في قياس قول سيبويه من حيث يرتفع خبر المبتدأ. وعلى قول أبي الحسن الأخفش: موضعه، رفع، والموضع للظرف نفسه، لا لما كان يتعلق به، لأن الحكم له من دون ما كان يكون الظرف منتصبا به في الأصل، ألا ترى أن الضمير قد صار في الظرف.
وأما قوله (هدى): فيجوز أن يكون في موضع رفع من ثلاثة أوجه غير الوجه الذي ذكرناه قبل، وهو أن يكون خبرا عن ذلك، أحدها: أن يكون مبتدأ، وفيه الخبر على أن تضمر للا ريب خبرا، كأنك قلت لا ريب فيه فيه هدى. والوقف على هذا الوجه يكون على قوله: لا ريب. ويبتدئ فيه هدى للمتقين. وإن شئت جعلت فيه هذه الظاهرة خبرا عن لا ريب، وأضمرت لهدى خبرا كأنك قلت لا ريب فيه فيه هدى. والوقف على هذا الوجه على قوله (لا ريب فيه) ويبتدئ (هدى للمتقين).
والوجه الثاني: أن يكون خبرا عن (ألم) على قول من جعله اسما للسورة. والوجه الثالث: أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف، تقديره: هو هدى.
المعنى: المراد بالكتاب القرآن. وقال الأخفش: ذلك بمعنى هذا، لأن