على الفتح كالفعل الماضي، وإنما ألزمت تقديم المنصوب على المرفوع ليعلم أنها إنما عملت على جهة التشبيه، فجعلت كفعل قدم مفعوله على فاعله.
و (الذين كفروا): في موضع نصب، لكونه اسم إن. و (كفروا): صلة الذين. وأما خبرها ففيه وجهان أحدهما: أن يكون الجملة التي هي (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم) فعلى هذا يكون (سواء) يرتفع بالابتداء. وما بعده مما دخل عليه حرف الاستفهام في موضع الخبر، والجملة في موضع رفع بأنها خبر إن. ويكون قوله (لا يؤمنون) حالا من الضمير المنصوب على حد معه صقر صائدا به وبالغ الكعبة. ويستقيم أن يكون أيضا استئنافا. والوجه الثاني: أن يكون (لا يؤمنون) خبر إن، ويكون قوله (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم) اعتراضا بين الخبر والاسم، فلا يكون له موضع من الإعراب، كما حكم على موضعه بالرفع بالوجه الأول. فأما إذا قدرت هذا الكلام على ما عليه المعنى، فقلت سواء عليهم الإنذار وتركه، كان (سواء) خبر المبتدأ، لأنه يكون تقديره الإنذار وتركه مستويان عليهم. وإنما قلنا إنه مرتفع بالابتداء على ما عليه التلاوة، لأنه لا يجوز أن يكون خبرا، فإنه ليس في ظاهر الكلام مخبر عنه. وإذا لم يكن مخبر عنه، بطل أن يكون خبرا. فإذا فسد ذلك، ثبت أنه مبتدأ. وأيضا فإنه قبل الاستفهام، وما قبل الاستفهام لا يكون داخلا في حيز الاستفهام، فلا يجوز إذا أن يكون الخبر عما في الاستفهام متقدما على الاستفهام، ونظير ما في الآية، من أن خبر المبتدأ ليس المبتدأ، ولا له فيه ذكر، ما أنشده أبو زيد:
فإن حراما لا أرى الدهر باكيا * على شجوة إلا بكيت على عمرو وقوله: (أأنذرتهم أم لم تنذرهم) لفظه الاستفهام ومعناه الخبر. وهذه الهمزة تسمى ألف التسوية. والتسوية آلتها همزة الاستفهام، وأم، تقول: أزيد عندك أم عمرو؟ تريد أيهما عندك. ولا يجوز في مكانها أو لأن أو لا يكون معادلة الهمزة، وتفسير المعادلة: أن تكون أم مع الهمزة بمنزلة أي فإذا قلت: أزيد عندك أو عمرو، كان معناه أحد هذين عندك. ويدل على ذلك أن الجواب مع زيد أم عمرو يقع بالتعيين، ومع أزيد أو عمرو يقع بنعم أو لا، وإنما جرى عليه لفظ الاستفهام، وإن كان خبرا، لأن فيه التسوية التي في الاستفهام. ألا ترى أنك إذا قلت: سواء علي أقمت أم قعدت، فقد سويت الأمرين عليك، كما أنك إذا استفهمت فقلت: أقام