ولذلك لا يسمى به غيره. ويوصف فيما لم يزل بأنه آله (ومنها): إنه مشتق من الوله: وهو التحير، يقال: آله يأله إذا تحير - عن أبي عمرو - فمعناه: إنه الذي تتحير العقول في كنه عظمته (ومنها): إنه مشتق من قولهم ألهت إلى فلان أي:
فزعت إليه، لأن الخلق يألهون إليه أي: يفزعون إليه في حوائجهم. فقيل للمألوه:
آله، كما يقال للمؤتم به: إمام. (ومنها): إنه مشتق من ألهت إليه أي: سكنت إليه، عن المبرد، ومعناه: إن الخلق يسكنون إلى ذكره. (ومنها): إنه من لاه أي:
احتجب، فمعناه: إنه المحتجب بالكيفية عن الأوهام، الظاهر بالدلائل والأعلام، (الرحمن الرحيم) اسمان وضعا للمبالغة، واشتقا من الرحمة، وهي النعمة، إلا أن فعلان أشد مبالغة من فعيل. وحكي عن أبي عبيدة أنه قال: الرحمن: ذو الرحمة، والرحيم: هو الراحم، وكرر لضرب من التأكيد. واما ما روي عن ابن عباس أنهما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر، فالرحمن الرقيق، والرحيم العطاف على عباده بالرزق والنعم، فمحمول على أنه يعود عليهم بالفضل بعد الفضل، والنعمة بعد النعمة، فعبر عن ذلك بالرقة، لأنه لا يوصف بالرقة، وما حكي عن تغلب أن لفظة الرحمن ليست بعربية، وإنما هي ببعض اللغات مستدلا بقوله تعالى (قالوا وما الرحمن) إنكارا منهم لهذا الاسم، فليس بصحيح لأن هذه اللفظة مشهورة عند العرب موجودة في أشعارها، قال الشنفري:
ألا ضربت تلك الفتاة هجينها * ألا قضب الرحمن ربي يمينها وقال سلامة بن جندل: " وما يشأ الرحمن يعقد ويطلق ".
الاعراب: (بسم الله) الباء حرف جر أصله الإلصاق، والحروف الجارة موضوعة لمعنى المفعولية، ألا ترى أنها توصل الأفعال إلى الأسماء، وتوقعها عليها، فإذا قلت: مررت بزيد، أوقعت الباء المرور على زيد، فالجالب للباء فعل محذوف نحو: إبدأوا بسم الله، أو قولوا: بسم الله، فمحله نصب لأنه مفعول به، وإنما حذف الفعل الناصب، لأن دلالة الحال أغنت عن ذكره.
وقيل: إن محل الباء رفع على تقدير مبتدأ محذوف، وتقديره: ابتدائي بسم الله، فالباء على هذا متعلقة بالخبر المحذوف الذي قامت مقامه أي: ابتدائي ثابت بسم الله، أو ثبت. ثم حذف هذا الخبر فأفضى الضمير إلى موضع الباء، وهذا بمنزلة قولك: زيد في الدار، ولا يجوز أن يتعلق الباء بابتدائي