واحد من ذلك مرادا فلا ينبغي أن يقدم عليه بجسارة، فيقال: إن المراد به كذا قطعا إلا بقول نبي، أو إمام مقطوع على صدقه، بل يجوز أن يكون كل واحد مرادا على التفضيل، ولا يقطع عليه، ولا يقلد أحد من المفسرين فيه، إلا أن يكون التأويل مجمعا عليه، فيجب اتباعه لانعقاد الاجماع عليه. فهذه الجملة التي لخصتها أصل يجب أن يرجع إليه، ويعول عليه، ويعتبر به وجوه التفسير، وما اختلف فيه العلماء من نزول القرآن، والمعاني، والأحكام.
[الفن الرابع]: في ذكر أسامي القرآن ومعانيها:
القرآن: معناه القراءة في الأصل، وهو مصدر قرأت أي: تلوت، وهو المروي عن ابن عباس. وقيل: هو مصدر قرأت الشئ أي: جمعت بعضه إلى بعض، وقال عمرو بن كلثوم:
ذراعي عيطل أدماء بكر * هجان اللون لم تقرأ جنينا أي: لم تضم جنينها في رحمها، وهو المروي عن قتادة، وإنما سمي بالمصدر وهو في الحقيقة المقر، وكما سمي المكتوب كتابا، والمحسوب حسابا، ومن أسمائه الكتاب أيضا: وهو مأخوذ من الجمع أيضا، يقال: كتبت السقاء إذا جمعته بالخرز. ومن أسمائه الفرقان: سمي بذلك لأنه يفرق بين الحق والباطل بأدلته الدالة على صحة الحق فبطلان الباطل، عن ابن عباس. وقيل: سمي بذلك لأنه يؤدي إلى النجاة والمخرج، كقوله سبحانه (ويجعل لكم فرقانا).
ومن أسمائه الذكر: قال سبحانه وتعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وهو يحتمل أمرين أحدهما: أن يريد به أنه ذكر من الله لعباده بالفرائض والأحكام. والآخر: إنه شرف لمن آمن به، وصدق بما فيه، كقوله سبحانه: (وإنه لذكر لك ولقومك) فهذه أربعة أسماء. وقد شاع في الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أعطيت مكان التوراة السبع الطوال، ومكان الإنجيل المثاني، ومكان الزبور المئين، وفضلت بالمفصل. وفي رواية واثلة بن الأسقع: وأعطيت مكان الإنجيل المئين، ومكان الزبور المثاني، وأعطيت فاتحة الكتاب، وخواتيم البقرة من تحت العرش، لم يعطها نبي قبلي، وأعطاني ربي المفصل نافلة. فالسبع الطوال: البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال مع التوبة، لأنهما يدعيان القرينتين، ولذلك لم يفصل بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم. وقيل: إن السابعة