وشرفه بها، ولم يشرك فيها أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان، فإنه أعطاه منها بسم الله الرحمن الرحيم، ألا تراه يحكي عن بلقيس حين قالت (إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد وآله، منقادا لأمرها، مؤمنا بظاهرها وباطنها، أعطاه الله بكل حرف منها حسنة، كل واحدة منها أفضل له من الدنيا بما فيها من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع إلى قارئ يقرؤها، كان له قدر ثلث ما للقارئ، فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض له، فإنه غنيمة، لا يذهبن أوانه فتبقى في قلوبكم الحسرة.
الاستعاذة: اتفقوا على التلفظ بالتعوذ قبل التسمية، فيقول ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ونافع وابن عامر والكسائي: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إن هو السميع العليم، وحمزة:
نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. وأبو حاتم أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.
اللغة: الإستعاذة: الإستجارة، فمعناه! أستجير بالله دون غيره. والعوذ والعياذ هو اللجأ والشيطان في اللغة: هو كل متمرد من الجن والإنس والدواب، ولذلك جاء في القرآن: (شياطين الإنس والجن). ووزنه فيعال من شطنت الدار أي: بعدت. وقيل: هو فعلان من شاط يشيط: إذا بطل.
والأول أصح، لأنه قد جاء في الشعر شاطن بمعناه: قال أمية بن أبي الصلت:
أيما شاطن عصاه عكاه * ثم يلقى في السجن، والأغلال والرجيم: فعيل بمعنى مفعول من الرجم: وهو الرمي.
المعنى: أمر الله بالاستعاذة من الشيطان، إذ لا يكاد يخلو من وسوسته الانسان، فقال: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)، ومعنى أعوذ: ألجأ إلى الله من شر الشيطان أي: البعيد من الخير، المفارق أخلاقه أخلاق جميع جنسه. وقيل: المبعد من رحمة الله (الرجيم) أي:
المطرود من السماء، المرمي بالشهب الثاقبة. وقيل: المرجوم باللغة (إن الله هو السميع) السميع لجميع المسموعات (العليم) بجميع المعلومات.