روي عنهم عليه السلام، من جواز القراءة بما اختلف القراء فيه، وحمل جماعة من العلماء الأحرف على المعاني والأحكام التي ينتظمها القرآن دون الألفاظ. واختلفت أقوالهم فيها، فمنهم من قال: إنها وعد ووعيد، وأمر ونهي، وجدل وقصص، ومثل، وروي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: نزل القرآن على سبعة أحرف:
زجر، وأمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وأمثال. وروى أبو قلابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: نزل القرآن على سبعة أحرف: أمر، وزجر، وترغيب، وترهيب، وجدل، وقصص، ومثل. وقال بعضهم: ناسخ ومنسوخ، ومحكم ومتشابه، ومجمل ومفصل، وتأويل لا يعلمه إلا الله عز وجل.
[الفن الثالث] في ذكر التفسير والتأويل والمعنى، وتحرير جملة موجزة إليها ينساق أكثر الكلام فيما يأتي من الكتاب:
التفسير: كشف المراد عن اللفظ المشكل. والتأويل: رد أحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر والتفسير البيان، وقال أبو العباس المبرد: التفسير والتأويل والمعنى واحد. وقيل: التفسير: كشف المغطى. والتأويل: انتهاء الشئ ومصيره وما يؤول إليه أمره. والمعنى: مأخوذ من قولهم: عنيت فلانا أي: قصدته. فكان المراد من قولهم عنى به كذا: قصد بالكلام كذا. وقيل: هو من قولهم عنيت بهذا الأمر أي:
تكلفته.
واعلم أن الخبر قد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن الأئمة القائمين مقامه عليهم السلام أن تفسير القرآن لا يجوز إلا بالأثر الصحيح، والنص الصريح. وروت العامة أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: من فسر القرآن برأيه فأصاب الحق فقد أخطأ، قالوا: وكره جماعة من التابعين القول في القرآن بالرأي كسعيد بن المسيب، وعبيدة السلماني، ونافع، وسالم بن عبد الله وغيرهم. والقول في ذلك أن الله سبحانه ندب إلى الاستنباط وأوضح السبيل إليه، ومدح أقواما عليه، فقال (لعلمه الذين يستنبطونه منهم) وذم آخرين على ترك تدبره، والاضراب عن التفكر فيه، فقال (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب اقفالها) وذكر أن القرآن منزل بلسان العرب فقال: (إنا جعلناه قرآنا عربيا). وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إذا جاءكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فاقبلوه، وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط. فبين أن الكتاب حجة ومعروض عليه، وكيف يمكن العرض عليه وهو غير مفهوم المعنى؟ فهذا وأمثاله يدل