القراءة: قرأ ابن عامر، وأبو بكر، عن عاصم: (هو مولاها) وروي ذلك عن ابن عباس ومحمد بن علي الباقر. والباقون: (هو موليها).
الحجة: من قرأ (هو موليها): فالضمير الذي هو هو لله تعالى، والتقدير الله موليها إياه. حذف المفعول الثاني لجري ذكره المظهر، وهو كل في قوله (ولكل وجهة) وهو مبتدأ، وموليها خبره، والجملة التي هي (هو موليها) في موضع رفع لكونها وصفا لوجهة من قرأ (هو مولاها) فالضمير الذي هو هو لكل. وقد جرى ذكره، وقد استوفى الاسم الجاري على الفعل المبني للمفعول مفعوليه اللذين يقتضيهما أحدهما: الضمير المرفوع من مولى، والآخر: ضمير المؤنث. ويجوز أن يكون الضمير الذي هو هو في قوله (هو موليها) عائدا إلى كل، والتقدير لكل وجهة هو موليها وجهه أي: كل أهل وجهة هم الذين ولوا وجوههم إلى تلك الجهة.
اللغة: اختلف أهل العربية في (وجهة) فبعضهم يذهب إلى أنه مصدر شذ عن القياس فجاء مصححا. ومنهم من يقول: هو اسم ليس بمصدر جاء على أصله، وإنه لو كان مصدرا جاء مصححا للزم أن يجئ فعله أيضا مصححا. ألا ترى أن هذا المصدر إنما اعتل على الفعل، حيث كان عاملا عمله، وكان على حركاته وسكونه؟ فلو صح لصح الفعل لأن هذه الأفعال المعتلة، إذا صحت في موضع، تبعها باقي ذلك. فوجهة اسم للتوجه والجهة المصدر. قالوا: وجه الحجر جهة ماله يريدون هنا المصدر. وما زائدة، وله في موضع الصفة للنكرة. والاستباق والابتدار والإسراع نظائر. وله في هذا الأمر سبقة وسابقة وسبق أي: سبق الناس إليه.
المعنى: هذا بيان لأمر القبلة أيضا. وقوله (ولكل وجهة) فيه أقوال أحدها: إن معناه لكل أهل ملة من اليهود والنصارى قبلة، عن مجاهد وأكثر المفسرين وثانيها: إن لكل نبي، وصاحب ملة، وجهة أي طريقة، وهي الاسلام، وإن اختلفت الأحكام كقوله تعالى (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) يعني شرائع الأنبياء عن الحسن وثالثها: إن لكل من المسلمين وأهل الكتاب قبلة يعني صلاتهم إلى بيت المقدس، وصلاتهم إلى الكعبة، عن قتادة.
ورابعها: إن لكل قوم من المسلمين وجهة من كان منهم وراء الكعبة، أو