شهاب المخزومي، وقرأ المغيرة على عثمان بن عفان، وله روايتان: رواية ابن ذكوان، ورواية هشام بن عمار. قالوا: وإنما اجتمع الناس على قراءة هؤلاء، واقتدوا بهم فيها لسببين. أحدهما: إنهم تجردوا لقراءة القرآن، واشتدت بذلك عنايتهم مع كثرة علمهم، ومن كان قبلهم، أو في أزمنتهم، ممن نسب إليه القراءة من العلماء، وعدت قراءتهم في الشواذ. لم يتجرد لذلك تجردهم، وكان الغالب على أولئك الفقه، أو الحديث، أو غير ذلك من العلوم. والآخر: إن قراءتهم وجدت مسندة لفظا، أو سماعا، حرفا حرفا، من أول القرآن إلى آخره، مع ما عرف من فضائلهم، وكثرة علمهم بوجوه القرآن.
فإذ قد تبينت ذلك فاعلم أن الظاهر من مذهب الإمامية أنهم أجمعوا على جواز القراءة بما تتداوله القراء بينهم من القراءات، إلا أنهم اختاروا القراءة بما جاز بين القراء، وكرهوا تجريد قراءة مفردة، والشائع في أخبارهم أن القرآن نزل بحرف واحد، وما روته العامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف، اختلف في تأويله، فأجرى قوم لفظ الأحرف على ظاهره، ثم حملوه على وجهين. أحدهما: إن المراد سبع لغات مما لا يغير حكما في تحليل، ولا تحريم، مثل هلم، واقبل، وتعال. وكانوا مخيرين في مبتدأ الاسلام في أن يقرأوا بما شاءوا منها، ثم أجمعوا على أحدها، وإجماعهم حجة، فصار ما أجمعوا عليه مانعا مما أعرضوا عنه، والآخر: إن المراد سبعة أوجه من القراءات، وذكر أن الاختلاف في القراءة على سبعة أوجه أحدها: اختلاف إعراب الكلمة مما لا يزيلها عن صورتها في الكتابة، ولا يغير معناها نحو قوله (فيضاعفه) بالرفع والنصب.
والثاني: الاختلاف في الإعراب مما يغير معناها، ولا يزيلها عن صورتها نحو قوله:
(إذ تلقونه وإذا تلقونه). والثالث: الاختلاف في حروف الكلمة دون إعرابها، مما يغير معناها، ولا يزيل صورتها، نحو قوله: (كيف ننشزها وننشرها) بالزاء والراء.
والرابع: الاختلاف في الكلمة مما يغير صورتها، ولا يغير معناها نحو قوله: (إن كانت إلا صيحة، وإلا زقية)، والخامس: الاختلاف في الكلمة مما يزيل صورتها ومعناها نحو: (طلح منضود وطلع)، والسادس: الاختلاف بالتقديم والتأخير نحو قوله: (وجاءت سكرة الموت بالحق وجاءت سكرة الحق بالموت)، والسابع:
الاختلاف بالزيادة والنقصان نحو قوله: (وما عملت أيديهم وما عملته أيديهم).
وقال الشيخ السعيد أبو جعفر الطوسي، قدس الله روحه: هذا الوجه أملح لما