حديث ذهاب الشمس بعد الغروب وهو من الأحاديث المشكلة التي مرت بك:
إن علماء الحديث قلما يعنون بغلط المتون فيما يخص معانيها وأحكامها - وإنما كانت عنايتهم التامة بالأسانيد وسياق المتون وعباراتها، والاختلاف فيها والمرفوع والموقوف منها، وما عساه يكون مدرجا فيها من كلام بعض الرواة (مما) ليس من النص المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يظهر معاني غلط المتون للعلماء الباحثين في شروحها من أصول الدين وفروعه وغير ذلك، ولو لم يكونوا من المحدثين في الاصطلاح، على أنهم يرجعون في ذلك إلى أصول المحدثين كقولهم:
إن صحة السند لا تقتضي صحة المتن في الواقع ونفس الأمر حتما، وعدم صحة السند لا تقتضي وضعه في الواقع ونفس الأمر حتما.
وقولهم: - إن من علامات وضع الحديث - وإن صح سنده - أن يكون مخالفا لنص القرآن القطعي، وفي معناه كل قطعي شرعي، كبعض أصول العقائد، أو الأعمال المجمع عليها المعلومة من الدين بالضرورة، بحيث يتعدر الجمع بينهما.
ولهذا جزموا بغلط حديث أبي هريرة عند مسلم في خلق السماوات والأرض في سبعة أيام.
وإذا كانت مخالفة القطعي سببا للحكم إما بعدم صحة الحديث لعدم الثقة برواته، وإما لغلطهم في سياق متنه، فمن الضروري أن تختلف الأفهام في ذلك باختلاف مدارك أصحابها ومعارفهم، فالذين لا يعلمون أن الشمس لا تغيب عن الأرض ولا تحتجب عن جميع سكانها من البشر ساعة ولا دقيقة - لا يرون شيئا من إشكال في حديث أبي ذر، في بيان أين تكون بعد غروبها، لأنهم يظنون أن غروبها عنهم غروب عن جميع العالم (1).
وقال: لو انتقدت الروايات من جهة فحوى متنها، كما تنتقد من جهة سندها لقضت المتون على كثير من الأسانيد بالنقض (2).
وقال رحمه الله وهو يتكلم عن الإشكالات التي تعرض في بعض الأحاديث