قالوا كما قال العلامة المقبلي إنها (أغلبية) لا عامة وإنه يجوز عليهم ما يجوز على غيرهم من الغلط والنسيان والسهو، بل والهوى ويؤيدون رأيهم بأن الصحابة إن هم إلا بشر يقع منهم ما يقع من غيرهم، مما يرجع إلى الطبيعة البشرية، وإن سيدهم الذي اصطفاه الله صلوات الله عليه " والله أعلم حيث يجعل رسالته " قد قال: إنما أنا بشر أصيب وأخطئ - ويعززون حكمهم بمن كان منهم في عهده صلوات الله عليه من المنافقين والكاذبين وبأن كثيرا منهم قد ارتدوا عن دينهم بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، بله ما وقع منهم من الحروب والفتن التي أهلكت الحرث والنسل ولا تزال آثارها - ولن تزال - إلى اليوم وما بعد اليوم، وكأن الرسول صلوات الله قد رأى بعيني بصيرته النافذة ما سيقع من أصحابه بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى، فقال في حجة الوداع: " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (1) ".
وروى البخاري عن ابن عباس عن النبي قال: (إنكم تحشرون حفاة عراة وأن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: أصحابي! أصحابي! فيقول إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح:
" وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ".
وروى مسلم هذا الحديث بلفظ " ليردن علي ناس من أصحابي حتى إذا عرفتهم اختلجوا من دوني، فأقول: أصحابي فيقول: لا تدري ماذا أحدثوا بعدك ".
وروى البخاري عن أبي هريرة عن النبي قال: بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا عرفتهم، خرج رجل من بيني وبينهم قال: هلم، قلت أين؟ قال: إلى النار