وأما التابعون فيكاد يعدم فيهم من يكذب عمدا، ولكن لهم غلط وأوهام، فمن ندر غلطه في حديث ما احتمل، ومن تعدد غلطه وكان من أوعية العلم اغتفر له أيضا ونقل حديثه وعمل به، على تردد بين الأئمة الأثبات في الاحتجاج بمن هذا نعته وكثر تفرده. ومن فحش خطؤه لم يحتج بحديثه. وأما أصحاب التابعين - كمالك والأوزاعي وهذا الضرب فعلى المراتب المذكورة. ووجد في عصرهم من يتعمد الكذب أو من كثر غلطه فترك حديثه، هذا مالك: هو النجم الهادي بين الأمة وما سلم من الكلام فيه! ولو قال قائل عند الاحتجاج بمالك - فقد تكلم فيه لعذر وأهين! وكذا الأوزاعي ثقة حجة وربما انفرد ووهم وحديثه عن الزهري فيه شئ! وقد قال فيه أحمد بن حنبل رأي ضعيف. وحديث ضعيف - وكذا تكلم من لم يفهم في الزهري لكونه خضب بالسواد، ولبس لبس الجند، وخدم هشام بن عبد الملك - وهذا باب واسع. ومحمد بن إدريس الشافعي من سارت الركائب بفضله ومعارفه وثقته وأمانته فهو حافظ متثبت نادر الغلط، ولكن قال أبو عمر بن عبد البر، روينا عن محمد ابن وضاح قال: سألت يحيى بن معين عن الشافعي فقال: ليس بثقة.
وكلام ابن معين (1) في الشافعي إنما كان من فلتات اللسان بالهوى والعصبية (2)، فإن ابن معين كان من الحنفية وإن كان محدثا.
وجعفر بن محمد الصادق، وثقه أبو حاتم والنسائي إلا أن البخاري لم يحتج به (3) وسعيد بن أبي عروبة: ثقة إمام ساء حفظا بأخرة. وحديثه في الكتب إلا أنه قدري - قاله أحمد بن حنبل.
والوليد بن مسلم: عالم أهل دمشق ثقة حافظ لكنه يدلس عن الضعفاء، وحديثه في الكتب كلها. انتهى ما نقلناه من هذه الرسالة باختصار.
وقال الآمدي في الأحكام (4):
اتفق الجمهور من الأئمة على عدالة الصحابة، وقال قوم: إن حكمهم في العدالة