وقال (1) في مقدمة كتاب الإصابة في تمييز الصحابة يعرف ما هو الصحابي:
" أصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي - من لقى النبي صلى الله عليه وآله مؤمنا به ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه ومن طالت مجالسته له، أو قصرت، ومن روى عنه، أو لم يرو، ومن غزا معه، أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى (2) أوجب العلماء - كما علمت في الفصل السابق - البحث عن رواة الحديث، فجرحوا من جرحوا، وعدلوا من عدلوا - وهم على حق في ذلك، إذ لا يصح أن يؤخذ قول أي إنسان مهما كان بغير تمحيص وتحقيق ونقد، وعلى أنهم قد جعلوا جرح الرواة وتعديلهم واجبا تطبيقه على كل راو مهما كان قدره - فإنهم قد وقفوا دون عتبة الصحابة فلم يتجاوزوها، إذ اعتبروهم جميعا عدولا لا يجوز عليهم نقد، ولا يتجه إليهم تجريح، ومن قولهم في ذلك: " إن بساطهم قد طوي "، ومن العجيب أنهم يقفون هذا الموقف، على حين أن الصحابة أنفسهم قد انتقد بعضهم بعضا وكفر بعضهم بعضا كما بينا لك - وسنبين - في هذا الكتاب.
قال النووي في التقريب: الصحابة كلهم عدول، من لابس الفتنة وغيرهم.
وقال الذهبي في رسالته التي ألفها - في الرواة الثقات (3):
ولو فتحنا هذا الباب (الجرح والتعديل) على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة والتابعين والأئمة، فبعض الصحابة كفر بعضهم بعضا - بتأويل ما!!
والله يرضى عن الكل ويغفر لهم، فما هم بمعصومين، وما اختلافهم ومحاربتهم بالتي تلينهم عندنا.
ثم قال: وأما الصحابة رضي الله عنهم فبساطهم مطوي، وإن جرى ما جرى، وإن غلطوا كما غلط غيرهم من الثقات!! فما يكاد يسلم أحد من الغلط - ولكنه غلط نادر لا يضر أبدا! إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوا - العمل وبه ندين الله تعالى.