لا يقبلون هذا القول، ولهذا الكلام بقية ستراها في خاتمة الكتاب.
وهذه الأقوال وغيرها مما قرره هذا العلامة لم نر مثلها لأحد غيره من علماء أهل السنة من المسلمين، وكذلك لم نجد أحدا قد تعمق في دراسة الحديث ونفذ إلى لبابه وفقهه في هذا العصر بل في عصور كثيرة مثله - ولا غرو فهو أكبر تلاميذ الأستاذ الإمام محمد عبده رحمه الله، وصاحبه الذي نشر علمه وفسر مذهبه في الدين وكمله وحفظه ودونه وكان منه كما كان أصحاب أبي حنيفة والشافعي من صاحبهم كما بينا ذلك من قبل (1).
قال الوزير اليماني في الروض الباسم:
تجد كثيرا من أئمة الجرح والتعديل يترددون في الراوي فيوثقونه مرة، ويضعفونه أخرى، وذلك لأن دخول وهمه في حيز الكثرة - مما لا يوزن بميزان معلوم - وإنما يظن ويرجع فيه إلى التحري والاجتهاد فصار النظر فيه كنظر الفقهاء في الحوادث الظنية فلذا يكون لابن معين في الراوي قولان! التوثيق والتضعيف ونحو ذلك..
والاحتراز عن الوهم غير ممكن، والعصمة مرتفعة عن العدول. بل العصمة لا تمنع من الوهم إلا في التبليغ (2) فقد وهم رسول الله أنه صلى بعض الفرائض على الكمال فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ والحديث في الصحيح. وقال " ص " رحم الله فلانا لقد ذكرني آية كنت أنسيتها، رواه مسلم.
وفي الصحيحين عن عائشة أنها قالت في حق ابن عمر: ما كذب ولكنه وهم (3).
وإليك مثلا في ذلك: أبو جعفر الرازي عيسى بن ماهان - وقيل: عبد الله بن ماهان، قال الذهبي: صالح الحديث ثم روى فيه الاختلاف، قال الحافظ عبد العظيم: قد اختلف قول ابن المديني وابن معين، وأحمد بن حنبل، فقال المديني مرة: ثقة. وقال مرة: كان مخلطا! وقال أحمد مرة: ليس بقوي، وقال