اختلافهم في الجرح والتعديل:
إن علماء الجرح قد اختلفوا في الجرح والتعديل باختلاف مذاهبهم وأحوالهم.
قال الحازمي في " شروط الأئمة الخمسة ":
إن أئمة النقل على اختلاف مذاهبهم وتباين أحوالهم في تعاطي اصطلاحاتهم يختلفون في أكثرها، فرب راو هو موثوق به عند عبد الرحمن بن مهدي ومجروح عند يحيى بن سعيد القطان وبالعكس - وهما إمامان عليهما مدار النقد في النقل، ومن عندهما يتلقى معظم شأن الحديث (1).
وقال الحافظ أبو عيسى الترمذي: قد تكلم بعض أهل الحديث في قوم من أجلة أهل العلم وضعفوهم من قبل حفظهم، ووثقهم آخرون من الأئمة لجلالتهم وصدقهم، وإن كانوا قد وهموا في بعض ما رووا، وقد تكلم يحيى بن سعيد القطان في محمد بن عمرو، ثم روى عنه، وكان ابن أبي ليلى يروي الشئ مرة هكذا، ومرة هكذا بغير إسناد، وإنما جاء هذا من قبل حفظه، لأن أكثر من مضى من أهل العلم كانوا لا يكتبون، ومن كتب منهم إنما كان يكتب لهم بعد السماع (2).
وإليك أمثلة من اختلافهم (3) نوردها على سبيل ضرب المثل، لا على سبيل الحصر، لأن ذلك يحتاج إلى مؤلف برأسه:
1 - أحمد بن صالح المصري، أبو جعفر بن الطبري - أحد أئمة الحديث الحفاظ المتقنين الجامعين بين الفقه والحديث أكثر عنه البخاري وأبو داود ووثقه أحمد ابن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم، ولكن كان النسائي سيئ الرأي فيه ذكره مرة فقال: ليس بثقة ولا مأمون!
2 - أحمد بن المقدام بن سليمان العجلي - وثقه أبو حاتم والنسائي وقال فيه أبو داود، لا أحدث عنه لأنه كان يعلم المجان المجون.