على إنكار البدع والحوادث "، قال أبو الخطاب: أصحاب الإمام أحمد يحتجون بالأحاديث التي رواها في مسنده وأكثرها لا يحل الاحتجاج بها وإنما أخرجها الإمام أحمد حتى يعرف من أين الحديث مخرجه والمنفرد به أعدل أو مجروح!
ولا يحل لمسلم عالم أن يذكر إلا ما صح لئلا يشقى في الدارين، لما صح عن سيد الثقلين أنه قال: " من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " (1).
وقال بعض الناظرين في مسند أحمد: الحق أن في المسند أحاديث كثيرة ضعيفة وقد بلغ بعضها في الضعف إلى أن أدخلت في الموضوعات (2).
ولما أشكل قول الإمام أحمد: عملت هذا الكتاب إماما إذا اختلف الناس في سنة عن رسول الله رجع إليه (3):
أجيب عن ذلك بأن الإمام أحمد شرع في جمع المسند فكتبه في أوراق مفردة وفرقه في أجزاء منفردة على نحو ما تكون المسودة، ثم جاء حلول المنية قبل حصول الأمنية فبادر بإسماعه لأولاده وأهل بيته ومات قبل تنقيحه وتهذيبه، فبقي على حاله ثم إن ابنه عبد الله ألحق به ما يشاكله وضم إليه من مسموعاته ما يشابهه ويماثله، فسمع القطيعي من كتبه من تلك النسخة. على ما يظفر به منها فوقع الاختلاط من المسانيد والتكرار من هذا الوجه قديما، فبقي كثير من الأحاديث في الأوراق والأجزاء لم يظفر بها، فما لم يوجد فيه من الأحاديث الصحاح من هذا القبيل (4).
ولما قال الإمام أحمد: إن هذا الكتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من 750 ألف حديث فما اختلف فيه المسلمون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه فإن وجدتموه وإلا فليس بحجة، قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي، هذا القول منه على غالب الأمر وإلا فلنا أحاديث قوية في الصحيحين والسنن والأجزاء ما هي في المسند. وقدر الله تعالى أن الإمام قطع الرواية قبل تهذيب المسند