ولا أدري والله أين يذهبون مما جاء في سورة الحجر من الكتاب العزيز في قوله تعالى: " قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين. إلا عبادك منهم المخلصين. قال هذا صراط علي مستقيم. إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين " (1). وكيف يدفعون الكتاب بالسنة، أو يعارضون المتواتر الذي يفيد اليقين، بأحاديث الآحاد التي لا تفيد إلا الظن؟! هذا إذا كانت هذه الأحاديث صحيحة.
على أن حديث نخس الشيطان هذا قد طعن فيه الزمخشري في الكشاف وقال فيه فخر الدين الرازي في تفسيره (2) " طعن القاضي في هذا الخبر وقال إنه خبر واحد، ورد على خلاف الدليل فوجب رده، وإنما قلنا على خلاف الدليل لوجوه، أحدها: أن الشيطان إنما يدعو إلى الشر من يعرف الخير والشر - والصبي ليس كذلك!
الثاني: أن الشيطان لو تمكن من هذا النخس لفعل أكثر من ذلك، من إهلاك الصالحين وإفساد أحوالهم.
الثالث: لم خص بهذا الاستثناء مريم وعيسى عليهما السلام دون سائر الأنبياء عليهم السلام؟
الرابع: أن ذلك النخس لو وجد بقي أثره، ولو بقي أثره لدام الصراخ والبكاء - فلما لم يكن ذلك علمنا بطلانه.
وقال أستاذنا الإمام محمد عبده رضي الله عنه (3):
" والمحقق عندنا أنه ليس للشيطان سلطان على عباد الله المخلصين، وخيرهم الأنبياء والمرسلون - وأما ما ورد في حديث مريم وعيسى من أن الشيطان لم يمسهما، وحديث إسلام شيطان النبي (صلى الله عليه وسلم) وحديث إزالة حظ الشيطان من قلبه (صلى الله عليه وسلم)، فهو من الأخبار الظنية لأنه من رواية الآحاد -